المصدر: صوت لبنان
الإنهيارات في زمن “العهد القوي”
لم يكن يخطر ببال أكثر المتشائمين أن يشهد الوضع اللبناني في “العهد القوي”مثل هذا المسلسل من الأزمات والنكبات والإنهيارات، وأن تتحول الحركة السياسية إلى سلسلة من المعارك والصراعات الشخصية والفئوية، تُعطل البلد، وتُضاعف من تفشي وباء الفساد، وتؤدي إلى الشلل الكامل.
لم يسبق للبنان أن شهد مثل هذا المستوى المتردي في العلاقات بين المرجعيات الرسمية، الذي تحول الحوار بينها إلى جولات من القصف الكلامي والإعلامي
والسياسي، وأصبحت وجهات النظر أشبه بمتاريس لتراشق التهم بالعناد والتقصير، وتقاذف كرات النار بخرق الدستور من هنا، وتجاوز صلاحيات من هناك، وكأن الدولة
باتت حلبة صراع بين كبار المسؤولين، وليست هيكلية تضم وزارات وإدارات ومؤسسات تُدير شؤون البلاد والعباد.
كيف يمكن لأي لبناني أن يتوقع خروجاً قريباً من النفق الحكومي ، على الأقل، في ظل هذه العلاقة المتشنجة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف؟
كيف يُمكن أن تستقيم أمور الحكم إذا كانت شهوة التسلط، وشبق الإستئثار بالسلطة هو الهدف الأول والأخير، ولو أدى ذلك، ليس إلى “خراب البصرة” وحسب،بل حتى ولو تسبب “بسقوط البلد كله في جهنم”!
هل يُعقل أن يبلغ العناد عند أصحاب القرار حد الإصرار على المواقف الخاطئة،حتى ولو تخلى بقية الحلفاء عن تأييدهم التقليدي، وأصبح فريق العهد منفرداً بمواجهة كل الأطراف السياسية، بل ومنعزلاً حتى عن أقرب الحلفاء!
رغم كل النكسات التي أصيبت بها مبادرته الإنقاذية، مازال الرئيس الفرنس يماكرون يراهن، ايس على نخوة ووطنية المنظومة السياسية، بل على قدرة اللبنانيين على الخروج من المهاوي الراهنة، إلى ربوع الإنفراج والإصلاح والإنقاذ، متى إستقامت أوضاع الحكم، وتم تشكيل الحكومة العتيدة.
ولكن يبدو أن الرئيس الفرنسي هو أشد حرصاً على وطن الأرز من رؤسائه الفاشلين، وأكثر إيماناً بقدرات هذا الشعب الصابر من بقية زعماء هذه المنظومة السياسية الفاشلة والفاسدة!
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها