صلاح سلام

الجمعة ٧ شباط ٢٠٢٥ - 10:15

المصدر: اللواء

الترياق من الخارج للخروج من الصدمة؟

صدمة جديدة فاجأت اللبنانيين أمس، في وقت كانوا ينتظرون ساعة الفرج، وإعلان تشكيل حكومة العهد الأولى، بعد مضي شهر تقريباً على تولي رئيس الجمهورية مقاليد الرئاسة.
كل شيء في القصر الجمهوري كان يستعد للحظة الولادة الحكومية. رئيس مجلس النواب حضر كالعادة للمشاركة مع رئيسي الجمهورية والحكومة في الإجتماع التمهيدي الذي يسبق توقيع مراسيم التأليف. تم إستدعاء الأمين العام لمجلس الوزراء على عجل، لإذاعة مراسيم قبول إستقالة الحكومة السابقة، وإعلان تفاصيل الحكومة الجديدة. الإعلاميون إستنفروا أقلامهم وكاميراتهم وآلات التسجيل، وراحوا يبعثون بالتقارير الإخبارية المتفائلة عن إجتماع الرؤساء الثلاثة، بإنتظار وقوف رئيس الحكومة الجديدة أمام عدساتهم، ليزفَّ للبنانيين ولادة الحكومة الكاملة الصلاحيات الدستورية، بعد ثلاث سنوات مع حكومة تصريف الأعمال، التي لم تستطع معالجة مشكلة واحدة، من سلسلة الأزمات والمشاكل المتراكمة.
ولكن نقاشات الإجتماع الثلاثي كانت بعيدة عن الأجواء التفاؤلية التي كانت سائدة في البهو الخارجي للقصر الجمهوري، والتي جرى تعميمها عبر البث المباشر لمختلف شاشات التلفزة.
وسرعان ما تبين للبنانيين أن النقاش بين الرؤساء كان يدور وكأنه بين مرحلتين، حتى لا نقول بين مدرستين. مرحلة الأعراف والممارسات السابقة التي كانت تتجاوز مبدأ الفصل بين السلطات، وتخضع لموازين قوى أحدثت خللاً في التوازنات الداخلية، وبين مرحلة راهنة تتميز بالعودة إلى الدولة والدستور، وتكريس الفصل بين السلطات، وإحترام صلاحيات الرئيس المكلف في تشكيل الحكومة.
تفادياً للوقوع في دوامة التعطيل الحكومي، كما كان يحصل سابقاً بحجة الميثاقية تارة، وبالثلث المعطل تارات أخرى، إتفق الرئيسان جوزاف عون ونواف سلام على الإحتفاظ بحقهما في تسمية الوزير الخامس من حصص الطوائف الكبرى، السنّة والشيعة والموارنة.
التباين في المواقف بين الرئيس بري والرئيس سلام حول تسمية الوزير الشيعي الخامس، يتجاوز المسائل الشخصية، ويهدد بتأخير تشكيل الحكومة فترة أخرى، وكأن عُدنا إلى أساليب التعطيل التي دفع اللبنانيون أثمانها الباهظة، في الإنهيارات الإقتصادية والإجتماعية والمالية المتلاحقة، وتراجع دور الدولة لمصلحة الدويلة، فضلاً عن عزل لبنان عن محيطه العربي، بل وعن المسرح الدولي، وتصنيفه في عداد الدول الفاشلة.
لبنان أمام مفترق مفصلي وحرِج: العدو يمعن في إعتداءاته على القرى الحدودية، ويماطل في الإنسحاب خارج الأراضي اللبنانية. الأزمات المتشابكة تفتك بحياة الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، وعشرات الآلاف من العائلات فقدوا منازلهم، وإنطلاقة العهد الواعد مازالت رهينة الشروط والشروط المضادة التي تعرقل ولادة حكومة الإصلاح والإنقاذ، وإعادة وطن الأرز إلى صدارة الإهتمامات العربية والدولية.
فهل ننتظر الترياق من الخارج.. للخروج من إحباط الصدمة الجديدة، كما جرت العادة؟

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها