المصدر: المركز اللبناني للابحاث والاستشارات
جشع ترامب عزز الديمقراطية واعاد الوحدة الى الولايات المتحدة…
كثيرا ما نختلف مع السياسة الاميركية الخارجية، وخاصةً بما يتعلق بقضايانا العربية والقضية الفلسطينية بشكلٍ خاص، ونرفض الانحياز الاميركي الى دعم اسرائيل وحماية عدوانها على الشعب الفلسطيني والعربي…
ولكننا لا بد ان نحترم هذه الروح الديمقراطية التي تسود الحياة السياسية في الولايات المتحدة، واحترام المؤسسات لمفهوم ومبدا تداول السلطة تحت سقف القانون، وممارسة المؤسسات الدستورية لمسؤوليتها في تامين الانسياب المسؤول للسلطة من رئيسٍ الى أخر ومن حزبٍ الى حزب. إن جشع وطمع الرئيس الاميركي الحالي دونالد ترامب، وحرصه بل وطمعه في الاستمرار في سدة الرئاسة لولاية ثانية، واتهامه للحزب الديمقراطي بتزوير الانتخابات، ومن ثم تشجيعه لمؤيديه على التظاهر ورفض نتيجة الانتخابات بالشكل الذي شاهده العالم بأسره… قد دفع الحزبين الجمهوري الذي ينتمي اليه ترامب والحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه الرئيس المنتخب، الى التضامن والتأكيد على ضرورة احترام الدستور والمؤسسات التي من واجبها تحديد الفائز من الخاسر وادانة التزوير وفضحه في حال حصوله… !! لقد تضامن الحزب الجمهوري مع خصمه الحزب الديمقراطي لحماية الجمهورية ومبادئها، رافضاً التوافق والتضامن مع الرئيس الحالي بهدف الاحتفاظ بالسلطة والطامح للبقاء في سدة الرئاسة والبيت الابيض… ؟؟؟
لقد وجدت الولايات المتحدة ان سمعة ديمقراطيتها على المحك وما لم تحافظ على حماية المؤسسات الدستورية واحترام نتائج التصويت الحر والنزيه لا يمكنها ان تطالب ادول لعالم بان تحترم مفهوم تداول السلطة واعلان الادانة للديكتاتوريات الحاكمة… لانها ستكون نموذجاً مماثلاً وقد تسجل سابقة في تاريخها الديمقراطي…؟؟….. لذلك شاهدنا هذا التضامن بين الحزبين الخصمين… لحماية الجمهورية والوطن والشعب والثوابت التي قامت عليها … !!
ننطلق من هنا لنقارن بين ما يجري عندنا في لبنان، من حرص بعض القادة اللبنانيين وبيئتهم بشكلٍ خاص على تعزيز روح الانتماء الى محور لا يرى في لبنان الا ساحة صراع وممر للتهريب، فلا يكترث لامن لبنان الغذائي والصحي، وحتى المحروقات التي يدعمها المواطن اللبناني من امواله المحجوزة في المصارف…حيث يتم تهريب المواد الغذائية والطبية والمحروقات برعاية ميليشيا مسلحة وحمايتها ودعمها وتضامنها…الى سوريا كما ورد في التقرير الذي نشرته محطة تلفزيونية وهو موثق بالصوت والصورة… مع الابقاء على لبنان ساحة صراع وتظهير للمواقف المتشددة وصندوق بريد…. حتى ان احد قادة الحرس الثوري الايراني اصبح يتحدث باسم لبنان..؟؟؟؟ حتى ان حزب الله يرى ان من مسؤوليته الدينية الجهادية منع تداول السلطة والحفاظ على النظام الديكتاتوري في سوريا..؟؟؟
رغم الخلاف والاختلاف وخسارة الانتخابات..لم يتهم الحزب الجمهوري الاميركي خصمه الحزب الديمقراطي بالعمالة والخيانة لانه ربح الانتخابات… بل وقف الى جانبه عندما تجاوز ترامب حدود احترام الدستور والمؤسسات الدستورية وحاول تعطيل دورها…
نحن في لبنان، عندما رفضنا سياسة الهدر والفساد والوصاية الايرانية المقنعة بميليشيات محلية وعدم الانخراط في محور لا يخدم مصالح لبنان واللبنانيين، بل يعرضهم لخطر التورط في حربٍ مدمرة لا تخدم لبنان بل تخدم ايران ومصالحها… اتهمنا فريق من اللبنانيين بعدم الوفاء، وتم شرح معنى الوفاء واهميته في العلاقات الانسانية..؟؟؟ ورفعت التماثيل واطلقت الاسماء على الشوارع والساحات… !!!
كما وكان سبق ان اطلق فريق من اللبنانيين العنان لجمهوره لمهاجمة المحتجين السلميين في محاول لاضفاء القداسة على زعمائهم… من كان يملك روح القداسة لا يعتدي على احد ولا يؤذي مواطن ولا يسيء لانسان…. كما لا يشجع على ممارسة هذا السلوك والنهج….؟؟؟
ليس لنا خيار في لبنان الا العودة الى روح الديمقراطية واحترام بعضنا البعض ووقف هذه المهزلة السياسية التي تعطل الحياة الديمقراطية تحت عنوان حماية مشروع المقاومة… وبالتالي مصالح المواطنين اللبنانيين…!!
يجب وقف التطاول والاساءة والتهديد والتهويل والتخوين السياسي الذي يستبيح الدم …ومنع التهريب ومنع زراعة المخدرات وتصدير الحبوب المخدرة…إذ ما جرى في ايطاليا منذ اشهر ومنذ ايام في مصر امر مخيف ومعيب بحق اللبنانيين…!! كما يجب التخلص من الفلتان الامني والسرقات والخطف والاشتباكات المتنقلة..!! التي لا تعالج بالطريقة المناسبة..!!
يجب على هؤلاء وعلينا جميعاً ان نظر جيداً الى ما جرى في الولايات المتحدة…حتى لو كانت خصماً في مواقف سياسية معينة او ان البعض يراها عدواً بالمطلق…. الا انه يجب الاستفادة من تجربتها ومن معالجتها للخلاف السياسي الداخلي… وتحويل الخلاف الى نقطة التقاء على المصلحة الوطنية وحماية الجمهورية..؟؟؟
في الخلاصة يمكن القول ان شجع وطمع دونالد ترامب قد اعاد الوحدة الى القوى السياسية وعزز الروح الديمقراطية في الولايات المتحدة ولم يفاقم من عمق الازمة بينهما… بينما نحن في لبنان وحتى الان يعمل بعضنا على تعميق الانقسام محاولاً الغاء الهوية، وتغيير الثقافة بعد الامساك بمفاصل السلطة .. ولكنه لن ينجح…؟؟؟؟؟
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها