منى فياض

السبت ٢٧ تموز ٢٠٢٤ - 12:33

المصدر: صوت لبنان

حلقة مسرحية نتنياهو المثيرة للاشمئزاز في الكونغرس الاميركي

 

إن أفضل وصف لمسرحية نتنياهو في الكونغرس، ما جاء على لسان النائب الديمقراطي جمال بومان إن “مجرم حرب وإبادي سيلقي خطابا في الكونغرس، وكنائب أشعر بالغضب والاشمئزاز”.
أظهر نتنياهو حقيقته كرجل مبيعات، أراد تسويق نفسه أمام الإسرائيليين الذين ينبذونه بغالبيتهم، وتوجه الى رجال الكونغرس الذين حضروا من اجله، مع جهوزية تامة لقبول ادعاءاته الكاذبة، فكانت سقطتهم في حفرة نتنياهو النتنة.
استقبلوا مجرم حرب يمارس الإبادة الجماعية، ومدان من محكمة العدل بانتظار صدور حكم باعتقاله من المحكمة الجنائية، بعاصفة من التصفيق، احصاها البعض بأكثر من 66 مرة في سحابة 55 دقيقة من الدجل والكذب والوقاحة الفجة. يعني لم تمر دقيقة واحدة دون ان يصفقوا له ووقوفاً أيضاً.
استمع اليه حضور الكابيتول، يكذب ويعطي الدروس ويوجّه التعليمات، متجاهلاً شعبه المعترض وحركة الرفض الداخلية الواسعة لسياساته والمطالِبة برحيله مع فساده وإجرامه المتمادي، غير عابئ بالحياة الإنسانية لا اليهود المخطوفين ولا للفلسطينيين. متعامياً عن انقسام المجتمع الأميركي وإدارته تجاهه، وعن غياب نصف الديموقراطيين، والمظاهرات التي انتظرته خارج الكونغرس، الذين لم يتورع عن إهانتهم، ووصفهم بالحمقى التابعين لإيران، وكأنه وايران متحاربان حقاً.
ذهب متسلحاً بمجرمين ملطخو الأيدي بدماء الفلسطينيين، وبتنويعة من الأقليات، كمسلم من النقب ومهاجر افريقي وبعض ممن خطفوا.. ومن سمع حديثه سيعتقد ان إسرائيل جنة التعايش على الأرض وواحة السلام والتعدد، لا تمارس وحشية غير مسبوقة، ولا تعاني مشاكل جمة ولا انقساماً ولا من يحزنون.
نتنياهو المجرم، يعطي دروساً بالتاريخ المزيف: «الشعب اليهودي لا يحتل أرضه، ولا عاصمتنا القدس، ولا أرض آبائنا وأجدادنا في يهودا والسامرة أي الضفة، ليس لأي قرار كاذب في لاهاي أن يشوّه هذه الحقيقة التاريخية، ولا يمكن التشكيك في شرعية المستوطنات الإسرائيلية في جميع مناطق أراضينا”.

تجاهل الاشارة إلى مفاوضات إطلاق النار، بعد أن أجّل الرحلة التي كان من المقرر أن يقوم بها المفاوضون الإسرائيليون إلى قطر يوم الخميس، إلى ما بعد لقائه مع الرئيس بايدن.
بل العكس تعهد بمواصلة الحرب، وطالب الولايات المتحدة بتسريع المساعدات العسكرية من أجل إنهائها بشكل سريع. مكتفياً بالإشادة بدعم بايدن “الصهيوني” لإسرائيل منذ بداية هجوم «حماس» في أكتوبر.
اما بايدن، وبعد ان فعل المستحيل لدعم اعتداءات إسرائيل، فيريد الآن ممارسة كافة الضغوط لإبرام صفقة تنهي الحرب في غزة وتفضي إلى إطلاق سرح الرهائن المحتجزين؛ فقط كي يحرز انتصارا سياسيا يعزز إرثه السياسي، ويساعد نائبته في الوصول الى البيت الأبيض.
لكن خطاب نتنياهو الوقح أثار موجة استنكار واسعة في أنحاء العالم؛ والكثير من الاستهجان والانتقادات في أوساط أميركية عدة؛ فلقد وصفته رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي ” بأنه أسوأ عرض قدمته شخصية اجنبية حظيت بشرف مخاطبة الكونغرس”. وعلقت الصحافة الأميركية “إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أخفى في خطابه أمام الكونغرس، حقيقة الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيشه في غزة وحاول تشويه الحقائق”.
كل ذلك يحمل على التشكيك بمصير الديموقراطية في أميركا المنقسمة والغارقة بالخطابات الشعبوية المبتذلة ما بين المرشحين للرئاسة. وعلى رأي المعلق التركي سمير صالحة:
نتنياهو. يهاجم من يشاء، ويصعّد ضدّ من يريد، ويورّط الشركاء والحلفاء في معاركه دون أن يقلق على مصيره الحزبي والسياسي وتحالفه الحكومي. منح طهران ما تريده عندما أوصل الأمور إلى مرتبة صعود الحوثيين خشبة المسرح الإقليمي، فهل هناك تفاهمات إسرائيلية إيرانية غير معلنة على لعب هذه الورقة ضدّ دول المنطقة؟
تصعيد الحوثي الأخير باتجاه إسرائيل وردّ تل أبيب في الحديدة قد لا يكونان تقليماً للأظافر بل طلاء لها بالأحمر تمهيداً لتمرير مشروع تفاهمات بين الثلاثي: اميركا، إسرائيل وإيران.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها