محمد موسى

الخميس ٣١ آب ٢٠٢٣ - 17:12

المصدر: صوت لبنان

دبي – بيروت: تدقيق يساوي احكام

بين بيروت ودبي مسافة زمنية تقارب ثلاث ساعات بالطائرة ولكن ما بينهما من فوارق باتت كبيرة ولعل جرأة القضاء في الحفاظ على حقوق الدولة امام السيد الأجنبي مهما بلغت قيمته وسمعته واسمه. هي سمة ظهرت مؤخرا” في دبي لاسيما امام الاحكام الصادرة بحق شركات التدقيق ان لجهة اغفالها معلومات او سوء ادارتها او عدم افصاحها والقائمة تطول لكن الثابت الوحيد هو: حقوق الدولة -– حقوق الناس – وهنا الاساس.
ليس المقالة هي للمقارنة بين دولتين عزيزتين كريمتين، انما المقارنة للتأكيد ان العدل أساس الملك وان سلم بناء الدولة عنوانه القضاء السليم والجريء بقوة الحق امام زبانية الموت الاقتصادي والمالي. من هنا لابد من تسليط الضوء على تقرير الفاريز اند مارسال الذي أشار بوضوح الى خلل ظاهر نوعية وجودة التدقيق حتى لا نستفيض في المفردات، هذا الخلل الظاهر في عمل هيئات التدقيق الداخلية و شركات التدقيق المالي والإداري في مالية مصرف لبنان ان لجهة التدقيق المالي والإداري الداخلي والذي هو بكل الشركات لابد ان يتحلى بالفعالية والاستقلالية والجرأة لأنه العين الأولى الساهرة على حسن الإجراءات وتنفيذها في مؤسسة بحجم دولة وربما اكثر و ذلك لما تمثله من ثقل في حياة الدولة على المستوى الاقتصادي، فالاقتصاد اللبناني دون أي مواربة يعتبر القطاع المصرفي ابرز مداميك قيامته او قيامة الوطن و للتذكير فقد بلغت الودائع ذات يوم ليس ببعيد اكثر من أربعة اضعاف الناتج القومي فهل من يذكر حجم هذه الفرصة للتطوير والتنمية ودفع العجلة على مستوى الاقتصاد ؟؟!!!!! حتما” انها مصيبة.
اما على مستوى التدقيق الخارجي فأين شركات التدقيق الخارجي من كل ما نسمع ونقرأ من مخالفات إدارية ومالية، اما انها تعمل زورا” تحت قاعدة “دعه يعمل دعه يمر” وعليه اين هي من مسؤوليتها. وهنا لابد من الوقفة مع دبي وما جرى فيها في نيسان2023 المنصرم حيث وقفت الدولة بكل اسلاكها المعنية لتقول:”لا حصانة لاحد امام قوة الحق وفوريا” وبلا ابطأ”.
فبعد الغرامات التي تعرضت لها شركات المحاسبة والتدقيق الكبرى في العديد من دول العالم، أبرزها في بريطانيا وألمانيا، نتيجة أخطاء قاتلة في التدقيق بحسابات بعض الشركات والبنوك المنهارة مؤخراً، فقد أمرت إحدى محاكم دبي، في حكم صدر أواخر شهر مارس/ آذار 2023المنصرم، شركة «كيه بي إم جي لوار غلف» بدفع 231 مليون دولار (848 مليون درهم) لمجموعة من المستثمرين أبلغوا عن خسارتهم أموالاً، بسبب ضعف تدقيق الجودة الذي أجرته الشركة في صندوق استثمروا فيه، وقد تعلل الحكم أن شركة «كيه بي أم جي» انتهكت معايير التدقيق الدولية بالموافقة على البيانات المالية لصندوق البنية التحتية الذي تديره شركة الأسهم الخاصة المنهارة (مجموعة أبراج)،ويعتبر هذا الحكم الأكبر على الإطلاق ضد شركة محاسبة، وتتجاوز قيمته عائدات الشركة البالغة 210 ملايين دولار (770.7 مليون درهم) في آخر سنة مالية لها وعليه لا حصانة امام قوة القانون المُحصن للناس والمستثمرين وكل البيئة الاستثمارية والمالية وتاليا” أي نهضة وقيامة مالية.
و للتذكير تم تغريم شركة «كيه بي إم جي» مبلغ 1.25 مليون جنيه استرليني (1.56 مليون دولار)، من قبل هيئة رقابة التدقيق في المملكة المتحدة، بسبب الأخطاء التي ارتكبتها في عملية التدقيق بحسابات شركة «لوسيكو بي إل سي» في عام 2016 كذلك في ألمانيا، فرضت هيئة الرقابة المحاسبية على شركة «إيرنست أند يونغ»، المدقق المالي الرئيسي لشركة إدارة المخاطر المنهارة «وايركارد» غرامة قدرها 500 ألف يورو، واكثر من ذلك فقد منعتها من إجراء عمليات تدقيق جديدة للشركات للعامة لمدة عامين والقائمة تطول في استعراض فضائح الكثير من شركات التدقيق الخارجي واخرها مع سيليكون فالي بنك في الولايات المتحدة نفسها و لا زالت بعض الدعاوى مفتوحة.
وعليه متى نسمع عن محاسبة لكل من تعطى وارتكب وخالف اصول التدقيق الداخلي والخارجي في بلاد الأرز؟ حيث تقرير الفاريز اند مارسال يكشف القليل والوجيز(5سنوات) من الفظائع التي قضت على أحلام شعب بكامله…… ومتى نسمع عن احكام صادرة عن القضاء مُحصنة بكامل الأدلة وجرأة المسؤول المُحصن بقوة الحق دون مواربة ولا تمييع فيها على غرار ما كان في الامارات العربية المتحدة بداية العام2023؟
المسألة يا سادة ابعد من حكم قضائي…… انها قصة شعب مغلوبٌ منهوب.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها