المصدر: Alkalimaonline
“صِفْر خَوْف”… بقلم ملكار الخوري
كتب الناشط ملكار الخوري ما يلي:
“صِفْر خَوْف”
يُشبِه لقمان سليم بموته قتلاً، مرثيّة “حَنّي الساحلانيّي”، “رجع العشب البرّي”، في مسرحية “جبال الصوّان”:
“شو قال الدُّوري لقَرْميد البيوت؟
يا قرْمِيد البيوت عتقْ لوْنك
وْبدْنا نِرْجع نِدْهنك أحمر”
قُل يُشبِه مصير كل من نادى بِ “لبنان لْ لبناني لّي عاصمتو بيروت، ومِش إلّا بيروت”.
قُل يشبِه ضريبة الدم مقابل الحريّة.
لكنّنا هذه المرّة، لن ندع العشب البرّي “ينبُت ع الحيطان” !!!
عَرَفتُ لقمان لأكثر من 15 عاماً.
أكثر ما أحببت وقدَّرت فيه إبتعاده عن التكلّف، وروحه الساخرة. لكأنّه كان يردد دوماً وبإغتباط عامر مطلع نص لمنصور الرحباني:
“عَرَفت أم لا؟
كل شيئٍ زائل!
عيناك، والأطفال والقوافل!!!”.
(تقطيع النص بتصرف)
بكل بساطةٍ، كان سعيداً بعبثية الحياة، دون أن يعني ذلك تخلّيه عن مقاربة الحياة وهمومها بشكل جديّ.
يوم توفّي موريس عوّاد، أرسل لي تعزيةً à la Lokman
عبر البريد الإلكتروني، ههنا نصها:
“ملكار ــ
أنا أصْلًا لا أتقن فن العزاء ــــ فكيف بموريس عواد!
لا أملك في هذا الموقف إلّا ما يقوله جِنِّيٌّ آخَر:
«إذا ما تأمّلتَ الزّمانَ وصَرْفَهُ
تيَقّنْتَ أنّ الموْتَ ضرْبٌ من القتلِ»
محبتي،
ل”
أدركت معنى رسالته بكليّتها لحظة عرفت بمقتله!.
ألم يخَف لقمان يوم تخطى التخوين مساحة الحبر على الورق الأصفر؟
ألَم يَخَف لقمان وهو يدرك نهايته؟
أزعم أنّه خاف، فالخوف ليس عيباً بل هو دليل وعيٍ وتنبّه.
إنّما العيب في الإستسلام للخوف، وفقدان القدرة على أية مبادرة، وهذا ما كان لقمان نقيضه. صِفر خَوف. ولهذا قُتِل.
لم يكن لقمان شخصاً يترك أمراً لِصدفةٍ. ويقيني، بقدر ما عرفته، أنَّه أعدَّ نفسه لموتٍ كموتِه.
راجع السيناريو أكثر من مرّة في ذهنه.
أتقَن إبتسامتَه الساخرة، وشهرها بوجه قاتله.
ولربما كانت هذه الإبتسامة أكثر ما إستفزَّ قاتلَه، إذ تَحَدَّت وكَسَرت في ذهن هذا الأخير فهمه لمعادلة القوة والغلبة.
مات لقمان كما عاش، حرّاً ومبادراً بالرغم من كل شيئ.
كان مثالاً عن خاتمة قصيدة موريس عوّاد nature morte من ديوان “سنين مالحا” (1987)
“والليل مش باقي حدا يدلّو
ع الصبح. ما تصرخ أنا محبوس
بالعتم. بدّي نجمة المجوس
بلكي نجوم الصبح ما طلّو.
نجوم الحلم ما في غيوم تخبّيا.
خدلك شي شمعا طول إصبع ضوّيا
بوج العتم بتخربطو كلّو.”
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها