المصدر: صوت لبنان
عهد بلا حكومة
رسالة رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب، لم تستطع تحقيق أهدافها وحسب، بل أدت إلى تفاقم مشكلة تأليف الحكومة، وزادت في التباعدات والخلافات والصراعات بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري على المستوى الشخصي، كما على مستوى جماعة كل منهما.
الرسالة بحد ذاتها اعتُبرت مغامرة محفوفة بالفشل، لأنها تجاهلت أجواء الأكثرية النيابية من جهة، ولأنها تجاوزت تماسك التحالف الذي يدعم الرئيس المكلف، رغم بعض التباينات بينهم، من جهة ثانية.
وبالقدر الذي أسفرت فيه الجلسة النيابية الطارئة عن تأكيد وتجديد التكليف النيابي للحريري بالتأليف، إلا أنها أقفلت ما تبقى من منافذ التأليف المفتوحة، إثر انفجار الخلاف بين الرئيس المكلف ورئيس التيار الوطني في الجلسة، وما تلاه من مطالعة عنيفة للحريري فنّد فيها بنود الخلاف مع رئيس الجمهورية، وتفاصيل العراقيل التي يضعها فريق العهد أمام تشكيل الحكومة.
انسداد كل الطرق المؤدية إلى الخروج من ظلمة هذا النفق الأسود، يُرخي بظلاله الثقيلة على الوضع الداخلي، المثقل أصلاً بهذا الكم من الأزمات المتشابكة، وتداعياتها المستمرة في دفع البلد إلى مزيد من الانحدار والانهيار، من دون أن يُشكّل هذا الواقع الدرامي دافعاً للمسؤولين المعنيين بأن يُبادروا إلى تقديم التنازلات المتبادلة، وتدوير زوايا خلافاتهم، وتوفير الظروف المناسبة لولادة حكومة مهمة تكون قادرة على وقف الانحدار، ووضع البلد على سكة الإنقاذ.
لم تنفع جهود سيد بكركي, ولا مبادراته ومناشداته, في التخفيف من حدة الخلافات بين بعبدا وبيت الوسط، ولَم تفلح الضغوط الفرنسية والتلويح بالعقوبات على المعرقلين، في ردع جماعات العرقلة عن غيّهم.
ولم يعد التساؤل عن إمكانية بقاء البلاد بلا حكومة حتى نهاية العهد مجرد تكهن، بل أصپح أمرا وارداً على خلفية المواقف المتشنجة التي تصب الزيت على نار الخلاف بين رئيس الجمهورية وصهره من جهة، والرئيس المكلف وحلفائه من جهة ثانية، خاصة بعد نتائج جلسة مجلس النواب الأخيرة التي خُصصت لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية وتحديد الموقف التشريعي والدستوري منها.
وعندها لا داعي للتكهن بطبيعة «الآتي الأعظم» في الأسابيع والأشهر المقبلة!
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها