فرانسوا ضاهر

الأثنين ٩ أيلول ٢٠٢٤ - 10:36

المصدر: صوت لبنان

في توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامه

 

إن الأموال التي نتجت عن أعمال شركتي فوري (Fori) وابتيموم (Optimum) هي من فئة الأموال العامة لكونها ناتجة عن تعاقد مصرف لبنان معهما، وبما يمتاز به مصرف لبنان من صلاحيات وحقوق إصدار تعود له حصراً بالصفة العامة التي يضطلع بها، وفق أحكام قانون النقد والتسليف المنشئ له.

وإن هذه الأموال هي معدّة بالتالي لأن تؤول الى المصرف المركزي دون سواه، لكونها تشكّل مداخيل ناتجة عن أعماله وتدخل لزوماً في فئة احتياطاته الخاصة.

اما وإن ثبت أن هذه الأموال قد آلت الى شخص الحاكم ودخلت في ذمته المالية، كما في ذمة الأفراد الذين يدورون في فلكه، فتكون ملاحقته الجنائية واقعة ضمن مسارها الصحيح. لانه يكون من موقعه في حاكمية مصرف لبنان ومن خلال الصلاحيات التي يتمتّع بها قد تمكّن من إجتراح وإبتداع الأعمال (actes juridiques) التي مكّنته من الاستيلاء على تلك الأموال العمومية. وإنه اذا كانت ملاحقته قد تعثّرت في ما سبق لأسباب سياسية، فيبدو أن تلك الأسباب قد سقطت حالياً.

اما مساءلة حاكم مصرف لبنان عن سياساته المالية والنقدية التي بدّدت سيولة ودائع المودعين في المصارف في مرحلة أولى، وهي تبدّد في المرحلة الراهنة حجم تلك الودائع من خلال التعاميم التي أصدرها بعد ١٧ تشرين أول ٢٠١٩، فهي معدّة لان تأخذ في جريرتها المنظومة الحاكمة بكل أركانها المكوّنين لسلطاتها الدستورية.

واذا كان القضاء قد تفلّت في مساءلة حاكم مصرف لبنان جنائياً عن أفعاله الشخصية بعدما رُفع الغطاء السياسي عنه داخلياً وخارجياً، فهل يكون بإمكانه أن يسير في مساءلة المنظومة الحاكمة عن جريمة الإبادة الجماعية (génocide national) التي ارتكبتها بحق شعبها، بتجريده عمداً، وعن سابق تصور وتصميم، من قدراته المالية ووضعه في حال انكشاف تام امام مستلزمات الحياة الكريمة ؟؟

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها