المصدر: صوت لبنان
قلت ما قلته….. ولو بعد مئة عام
سيدي البطريرك الكبير،
لمئة سنة خلت وفي مثل هذا اليوم، ولدت نصرلله مارون صفير طفلاً وادعاً،
وربيت متقد الذكاء في بلدتنا ريفون الكسروانية الحبيبة،
وذلك قبيل ولادة لبنان الكبير.
ولسنة خلت، غاب وجهك الكبير مار نصرلله،
حاملاً إرث المئة عام لا بل إرث أكثر 1300 عام،
بعدما أطليت على قيام لبنان الكبير،
وعاصرت الجمهورية المستقلة والمُتعبة،
وحروب الآخرين على أرضنا وأجسادنا،
وعانيت من تقاتل الأخوة وصراع النفوذ من كل صوب.
إنكم رجلٌ يختصر تاريخاً عابقاً،
إذ عايشتم مراحل دقيقة من تاريخ الوطن،
وإتخذتم مواقف….. سترددها الأجيال جيلاً بعد جيل.
أرادك البعض حصة حصرية… ورماك البعض بكيل من الأباطيل،
وأنت أنت ما برحت،
صوت الضمير في مواجهة الآت الأقوياء والمستقوين،
وصرخة الحق في وجه المحتلين والتابعين،
وإرادة الثبات الذي لا يلين في أزمنة الأجندات المفروضة والمرفوضة.
فحفرت الجبل بالإبرة…… حتى بان فجرٌ آخر.
ولكننا يا سيدي، لم نقدّر القيمة!
فبقي البعض منّا يحمل صوراً وقبعات!
ويجيد فن الركوع لا في حضرة الله،
بل على فتات موائد من تولوا السلطات عندنا،
فأفلحوا في الإفساد وما شبعوا،
وأوصلوا العباد الى إعسار…. وما إستفاق عندهم ضمير.
قلت لنا أن شبابكم غنى…….. لا تجعلوه فقراً ولا كَفراً ولا جهلاً.
ولكن بعضاً من شبابنا إسترسل في التربية البعيضة على الأحقاد الدفينة وإدانة الآخرين.. وما إرتدع.
وبعضاً من شبابنا إستمتع بالتبعيّة وعبادة الأشخاص .. رغم الحقائق الساطعة، ولم يمتثل.
وبعضاً من شبابنا قتل وقَتل وتقاتل طوال عقود،
من أجل معلمي الأرض الذين عاثوا في الأرض، وبعثروا قوة لبنان الكبير.
قلت ما قلته يا سيدي، وغبت وكنت تاج الغائبين ….
وفي رحلتك البطريركية، حفرت إسماً للبنان في ضمير العرب والمسلمين،
ورفعت مبادئ الإنسانية الساميّة فكرّست إحترام المجتمع الدولي،
من كنت تجاهر أمام قادته…… بما لم يكونوا يعملون الا نقيضه.
أنت لم تغب، بل رحلت الى نصاب المجد الذي لا يزول في حضرة سيد المجد والأكوان.
بعضٌ رحل وبعضٌ سيرحل،
وإسمك سيبقى محفوراً لا في ذاكرة الصخور العتية في جبال لبنان فحسب،
بل في سجلات الخلود مع الساعين للحفاظ على وصيتك في الحفاظ على الأغليين:
إيمان بالله، وحرية للبنان وللإنسان.
قلت ما قلته….. وقد ولدت منذ مئة عام …
وما قلته سيردد….. مئة عام بعد مئة عام …
يا أكرم الراحلين الى سجلات الخلود.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها