المصدر: صوت لبنان
لعبة الشارع تهدّد بتفجير حرب جديدة
ما يجري في الشارع ليس مثل المناورات السياسية السخيفة، ولا يشبه بالونات الإختبار التي تُطلق بين الحين والآخر لإحراق أسماء الشخصيات المرشحة لتأليف الحكومة العتيدة.
التوتر المتنقل في الشوارع، والذي يمتد إلى بعض المناطق، يتطلب معالجة سريعة وحاسمة للأزمة الحكومية، وذلك كخطوة أولى للخروج من النفق الأسود، والتخلي عن سياسة العناد وتضييع الوقت والتلهي بحسابات الربح والخسارة الفارغة، والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، عندما يصل البلد، والسلطة قبله طبعاً إلى الإنهيار.
الصدامات المتكررة بين شباب الشارعين تدق ناقوس خطر الإنزلاق إلى الفوضى، في حال أصبح العنف هو اللغة السائدة، بدل إعتماد الحوار وتبادل الآراء والأفكار، والبحث المشترك عن الحلول المناسبة لمشاكل البلد، من كهرباء ومياه ونفايات وتلوث بيئي.
سرطان الفساد المستشري في صفوف الطبقة السياسية، وإسترداد الأموال المنهوبة، وتأمين حقوق المواطنية الطبيعية، من طبابة وإستشفاء وتعليم وضمانات إجتماعية للطبقات المعوزة وللشيخوخة، لا يعني جمهور الإنتفاضة وحدهم، بقدر ما هي حقوق وحاجات ضرورية لكل الفئات المسحوقة في البلد، وفي مقدمتهم جمهور «أمل» و«حزب الله»، الذي خرج من رحم حركة المحرومين التي أطلقها الإمام موسى الصدر في أواسط الستينيات من القرن الماضي.
لعبة الشارع قد تتحول إلى مواجهات دامية بين أجيال جديدة من الشباب، لم يعيشوا أهوال ومآسي الحرب الأهلية المقيتة، والتي ما زالت الأجيال المتعاقبة تتحمل أوزارها، وتدفع أثمانها الباهظة، من لقمة عيشها، وضرورات الحياة اليومية، وفي مقدمتها فقدان فرص العمل وإنتشار البطالة لتطال أكثر من ثلث الشعب اللبناني، فضلاً عن الحقوق البديهية الأخرى.
ما جرى بين الشياح وعين الرمانة ليل أمس، أعاد إلى الذاكرة مشاهد إندلاع الشرارات الأولى لحرب ١٩٧٥ وتداعياتها المدمرة والتي إمتدت على مدى خمس عشرة سنة!
فهل ثمة من يغامر بتفجير حرب جديدة في البلد؟
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها