المصدر: صوت لبنان
لعودة الحرارة إلى العلاقات اللبنانية السعودية
يحل العيد الوطني السعودي اليوم، والعلاقات اللبنانية السعودية تئن تحت ضغط مجموعة من الملفات الثقيلة، أدت إلى برودة غير مسبوقة في العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وصلت إلى حدود تجميد مسيرة التعاون التاريخية، على مختلف المستويات السياسية والإقتصادية والإنمائية والإستثمارية.
لم يعد سراً أن الفشل اللبناني في الحفاظ على قواعد العلاقات المميزة مع الشقيقة الكبرى، إنعكس سلباً على المصالح اللبنانية أولاً وأخيراً، حيث تراجع حجم الصادرات اللبنانية إلى الأسواق السعودية، وإنخفضت نسب الإستثمارات السعودية في لبنان، وتم تجميد المساعدات والقروض السعودية للمشاريع الإنمائية اللبنانية، إلى حد غياب المملكة، ولأول مرة، عن المؤتمر الدولي لمساعدة لبنان الذي نظمه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إثر الإنفجار المدمر في مرفأ بيروت، فضلاً عن التجاهل السعودي لتخبط الشقيق الأصغر في أزماته المالية والإقتصادية والنقدية الراهنة، والتي كانت الرياض تسارع عادة إلى مد يد الدعم والعون لمساعدة اللبنانيين على تخطي أزماتهم والتغلب على الصعوبات التي تواجههم.
أسباب الفشل اللبناني لم تعد خافية على أحد، بعدما تحول لبنان إلى منبر للتهجم على المملكة قيادة وشعباً في خطابات حزب الله وأمينه العام، فضلاً عن الدور الذي يقوم به الحزب في دعم تمرد الحوثيين في اليمن، وفي توفير الخبرات والتدريبات العسكرية التي تُطلق الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة ضد الأهداف المدنية في الرياض والمدن السعودية الأخرى.
كما أن إبتعاد الديبلوماسية اللبنانية عن المواقف العربية في المحافل الدولية، خاصة في ملف صراع المحور العربي ضد التوسع الإيراني في المنطقة، زاد النفور السعودي من الواقع اللبناني، الذي تعتبره الرياض يعاني من هيمنة إيران وحلفائها، لا سيما الحزب، على مفاصل القرار السياسي، خاصة بعد تعطيل الإنتخابات الرئاسية سنتين وستة أشهر، لتأمين وصول العماد ميشال عون إلى الرئاسة الأولى، عبر التسوية السياسية المُلتبسة، التي إنهارت غداة إندلاع إنتفاضة ١٧ تشرين .
ورغم كثافة الغيوم الداكنة التي تحيط بالعلاقات الرسمية بين بيروت والرياض، فإن الأكثرية الساحقة من اللبنانيين تحرص على تعزيز علاقات الأخوة والتعاون مع المملكة، قيادة وشعباً، وتُدين كل محاولات الإساءة للشقيقة الكبرى من المحور الإيراني وحلفائه المحليين، التي تكبّد لبنان، دولة وشعباً، الكثير من الخسائر بسببها، والتي أوصلت البلد إلى حالة الإفلاس والإنهيار الحالي.
ولكن تبقى الأواصر التاريخية التي تربط الشعبين الشقيقين أقوى من كل مخططات عزل لبنان عن محيطه العربي، وتوريطه في الإنزلاق إلى المحور الإيراني.
مبروك للشعب السعودي الشقيق عيده الوطني التسعيني، وعلى أمل أن نحتفل العام المقبل معاً في عودة الصفاء إلى فضاء العلاقات اللبنانية السعودية.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها