المصدر: صوت لبنان
ماذا ينفع الحوار .. بلا تنفيذ؟
لا أحد يستطيع أن يعارض الحوار الجدّي لمعالجة مشاكلنا وأزماتنا السياسية الإقتصادية، وما أكثرها هذه الأيام، شرط أن يلتزم أهل الحوار، الداعين والمدعوِّين، بالقرارات والنتائج التي يتوصل إليها المتحاورون.
تجارب لبنان مع الحوار لم تكن كلها مشجعة، خاصة عندما يغيب الراعي الخارجي، الذي يضمن عادة تنفيذ ما يتم التوافق عليه بين أطراف الحوار اللبنانيين!
إبّان سنوات الحرب البغيضة حصلت عشرات الجولات من الحوار الداخلي، بعضها في القصر الجمهوري، والبعض الآخر في السراي الحكومي، والبعض الثالث في المقر المؤقت لمجلس النواب في منطقة المتحف، فضلاً عن الجولات التي كانت تُعقد هنا وهناك، مثل سباق الخيل وعدد من الفنادق في بيروت والمناطق، وكلها كانت تبوء بالفشل الذريع.
سبق المؤتمر النيابي في الطائف إنعقاد مؤتمرين للقيادات السياسية في لوزان وجنيف، لم يتوصلا إلى الخواتيم السعيدة، التي توصل لها إتفاق الطائف، برعاية سعودية ملكية، ودعم عربي ودولي، وأنهت سنوات الحرب السوداء.
في عهد الرئيس ميشال سليمان إلتأمت عدة جولات لطاولة الحوار، توصلت في النهاية إلى التوافق على أهم وثيقة سياسية بعد إتفاق الطائف سميت «إعلان بعبدا»، وضعت أسس السياسة الدفاعية في أيدي الشرعية الدستورية، وأكدت على مبدأ النأي بالنفس عن محاور الصراعات المحتدمة في الإقليم،.. فماذا كانت النتيجة؟
إعتبر حزب الله أن إعلان بعبدا لا يساوي قيمة الحبر الذي كُتب به، رغم أن ممثله في الحوار كان قد مضى على هذه الوثيقة الوطنية والتاريخية بإمتياز، كما سقط مبدأ النأي بالنفس بخروج الحزب إلى الساحات الملتهبة في المنطقة.
ورغم أن إعلان بعبدا تم إعتماده في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة الدول الإسلامية، ومؤسسات دولية أخرى، فقد بقي حبراً على ورق لأنه إفتقد الراعي الخارجي الذي يضمن ويُتابع تنفيذ الإتفاقات عادة.
ولا نخال أن مصير لقاء بعبدا غداً سيكون أفضل من سابقاته، خاصة وأنه جاء بعيداً، شكلاً ومضموناً عن واقع الإنهيار المريع الذي يضرب البلد، ولم يتمكن الحكم ولا الحكومة من وقف هذا الإنحدار المدمر للنظام الإقتصادي، ولطموحات اللبنانيين في الإستقرار والعيش الكريم!
ماذا ينفع الحوار إذا بقيت مقرراته حبراً على ورق.. دون جديد وتنفيذ؟
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها