المصدر: صوت لبنان
هل بدأ العد العكسي للمرحلة الأصعب؟
يبدو أن العد العكسي للمرحلة الأصعب في مسار الأزمات المتلاحقة قد بدأ، من خلال رفع الدعم تدريجياً عن بعض السلع الضرورية، وآخرها الخبز والبن، بعد وقف الدعم عن اللحوم والأسماك، فضلاً عن الحبوب التي تُعتبر في صلب المائدة اليومية لأصحاب الدخل المحدود.
البلاد والعباد ينتقلون من قعر إلى آخر في مهاوي جهنم الموعودة، وأهل السلطة في غييهم ماضون بمناوراتهم الحزبية التافهة، وبالمتاجرة بالشعارات الطائفية والمذهبية البغيضة، ويلهثون وراء الصفقات والمحاصصات، وكأن البلد مازال في عصر البحبوحة والإزدهار، كما كان أيام رجال الدولة والوطنية في الخمسينات والسيتينيات من القرن الماضي.
ما ورد في المؤتمر الصحفي الأخير لجبران باسيل أكد من جديد أن عقدة تعطيل الولادة الحكومية تكمن في إصرار رئيس الجمهورية وفريقه على تعييّن الوزيرين المسيحيين، خلافاً للنصوص الدستورية، وتمسكاً بالإعتبارات الطائفية، وسعياً للحصول على الثلث المعطل وزيادة، بغية الهيمنة على توجهات وقرارات الحكومة الوليدة، والتي من المرجح أن تُشرف على الإنتخابات النيابية، وما يعقبها من إنتخابات رئاسية.
ولكن الواقع المأساوي في وادٍ، وأحلام باسيل برئاسة الجمهورية في وادٍ آخر، وتفصل بينهما مسافات مريخية، وتُباعد بينهما بحور ومحيطات أطلسية.
والمشكلة أن فريق رئيس الجمهورية يتصرفون، ويتخذون المواقف الإستفزازية، وكأنهم حديثو العهد في العمل السياسي، وكأنهم لا يدركون دقة المعادلة السياسية والوطنية، بل وكأنهم، من شدة مبالغاتهم في إستخدام شعار «الرئيس القوي»، قد إعتبروا أننا نعيش في نظام سياسي رئاسي، لا نظام ديموقراطي برلماني! يحاول باسيل القفز فوق المعادلات الداخلية، وتجاهل مفعول العقوبات الأميركية عليه، وتحدي إرادة القيادات المسيحية وجماهيرها، ومعارضتها السافرة لوصوله إلى رئاسة الجمهورية، ويعاند في التصرف والتعاطي مع التطورات، ومع الأطراف السياسية الأخرى، وكأنه الوريث الطبيعي لعمه في الرئاسة الأولى، وكأن لبنان تحول إلى جمهورية تعتمد النظام الوراثي، رغم كل الويلات التي أصابته في هذا «العهد القوي».
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها