عباس الحلبي

الأثنين ٢ آذار ٢٠٢٠ - 07:51

المصدر: صوت لبنان

أعانَ الله لبنان على حمل الأثقال

تضاربَت الأنباء عن نتائج زيارةِ بعثة البنك الدولي إلى لبنان. فَمِنهم مَن قالَ أنَّ أفرادها متشائمون لِعَدَمِ تقديم الحكومة لهم خطةَ الإنقاذ. والبعض الآخر يقول أنهم كانوا مرتاحين للأمور التي سمعوها، وَعَسى أن يكون الأمر كذلك. وطالما أن “الشفافية” هي السائدة في العملِ العام فإننا لا ننتظرَ معرفةِ الحقيقة إلاّ أن أحد الوزراء صرَّحَ من على الشاشة بوضوحٍ أن خطة الحكومة للإنقاذ ليست للآن جاهزة وأن الحكومة بِصَدد إعدادها (عَ مهل) مع علمنا وتأكيد المسؤولين في غير مناسبة أن هناك خططا” موضوعة سابقا” ولكن لا يُستعان بها. فكل حكومة تأتي فهي تخطط من جديد ومبدأ المراكمة في الحكم غير معمول به في عمل الحكومات اللبنانية ولا حتى في إداراتها. 

في بلادِ العالم الحكومات تعمل وفق قاعدة الإستمرارية، وعند تغيّرِها في البلدان الديمقراطية عن طريق الإنتخابات، ونزعم نحن أن بلدنا ذو نظامٍ ديمقراطي فإن التغيير يكون ببعض أساليب الحكم وتبديل الطاقم أو جزء منه. 

أما في بلادنا العامرة فإن كل حكومة تأتي فهي تعمل على وضع خططٍ جديدة. المفارقة في ظرفنا الحاضر أن الوضع لا يحتمل الإنتظار لإنجازِ الخطة. بَل المطلوب سريعا” ودون إبطاء إجراءات توقِف الإنهيار الأمر الذي يبدو ان الحكومة غير جاهزة لإتخاذها لأنها غير مستعدة لها. وهنا المخيف في وضعنا. هكذا كان حال الكهرباء: من خطة إلى خطة والصفقات مستمرة إلى حدّ بَلَغَ فيه الدين العام بسبب الكهرباء نصفه من دون تحديد مَن المسؤول عن ذلك للآن. 

ومِن ناحية أخرى إنفَرَجَت أسارير الحكومة لأنَّ بعض الوزراء الأجانب وعلى هامش إجتماع العشرين في المملكة العربية السعودية نطقوا بإشاراتٍ فَسَّروها إيجابية عن رغبة في المساعدة لكن عند تحقق الإصلاحات المنتظرة. والمواطن اللبناني يتساءل لماذا أدارَ العالم ظهره للبنان وهو في أصعب الظروف بِما يزيد من معاناة الشعب اللبناني.

مِنَ الطبيعيّ أن يعاملنا العالم على هذا النحو ذلك أن السياسة الخارجية التي إعتُمِدَت في سنواتِ العهد “المبارك” هي التي كانت وراء إدارة الظهر للبنان نتيجة المواقف التي إنتهجتها هذه السياسة في إقحام لبنان في لجّة الصراع الإقليمي وعلى قاعدةِ إنتخابات رئاسةِ الجمهورية وذلك منذ اليوم الأول للعهد الحالي بحيث فتحَت معركتها وهذا أمر يدعو إلى الكثير من الإستغراب خصوصا” وأنّ هذا العهد الذي يحاول تبرئة نفسه من المعاصي المرتكبة لَم يتخذ ولا إجراء داخلي أو خارجي لِوَقفِ الإنهيار بل أن الممارسات التي أنتَجَها أدَّت إلى وقوعِ لبنان في الفخ الذي لا يرغبه له إلاّ أعداؤه. 

وقطعة الفريز على كاتو المعاناة اللبنانية جاءتنا من الدولة التي اثقلت بسياستها الوضع الداخلي بتحميله أثقالها فجاءَ الكورونا لِيزيد من معاناة اللبنانيين وخوفهم على مصيرهم في الوقت الذي تتخذ فيه دول العالم إجراءات لِمنع تسرب الوباء إليها بإقفال الحدود البرية ووقف حركة الطيران إلاّ في لبنان الذي لَم تجرؤ سلطاته على إتخاذ أي تدبير لأن ما يأتي من هذه الدولة وإن كان وباء” إلاّ أنه وباء “نظيف”.  

أعانَ الله لبنان على حمل كل هذه الأثقال.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها