عباس الحلبي

الأثنين ١٤ أيلول ٢٠٢٠ - 11:27

المصدر: صوت لبنان

ألَم يحن الأوان بعد لِوقف إنهيار لبنان؟

 

كم من الذكريات الأليمة في وجدان المؤيدين تصدف هذا النهار فَيَقَع رئيس منتخَب للجمهورية هو الرئيس بشير الجميّل ضحية الإغتيال ووقَعَ مع إغتيالِه حلمٌ راوَدَ غالبية اللبنانيين ببناءِ دولة قوية مستقلة ذات سيادة. مثلُه الحلم الذي سقطَ بإقامة الدولة العلمانية الحديثة مع سقوط الشهيد كمال جنبلاط بالإغتيال وحلم إقامة دولة العيش الواحد بعيداً عن المحاور بتغييب الإمام السيد موسى الصدر ولبنان ذا الدور العربي والإقليمي المنفتح بإغتيال الرئيس رفيق الحريري واللائحة لا تنتهي وجميع الخائبين هم من اللبنانيين.

الأحلام سَقَطَت ولَم تنجح لاحقاً المحاولات لإستعادةِ عملية بناء الدولة إذ لا يزال لبنان يتخبَّط بالكثير من مشاكله للعجز الفاضح والفشل المدوي في إرساءِ قواعد المؤسسات الدستورية والإدارة العامة والقضاء وسائر المرافق على قاعدة الدستور والقانون والأخلاق. فجاءَت جريمة إنفجار المرفأ لِتعرّي الدولة وإداراتها بالرغم من إستهلاك أفراد القطاع العام حوالي نصف الموازنة السنوية والأدهى انه للآن لم يتضح بعد خيط التحقيق في تحديد المسؤوليات وشرح هذه الجريمة للناس وملابسات وقوعها، فأضيف الحريق منذ يومين والمسؤوليات لا تزال في متاهاتِ الضياع أو الإخفاء.

أُفلِس البلد نتيجة إفلاس التفكير وقصور الإدراك بتبعات إعلان التوقف عن دفع مستحقات الدولة. فدَفَعَت القطاعات جميعها الثمن حتى إذا ما حصَلَ إنفجار المرفأ الذي دمَّرَ نصف العاصمة وفيه ما فيه من بيوت ومؤسسات وصالات عرض وتراث وناس مستورين وكذلك وخصوصاً المستشفيات لِيزيد في تعرية الدولة وإظهارِ عجزها.

حملَ القادر من الناس أمتعته وسافر أو هو يحضّر سفره وهذا لا شك يفقد لبنان مستقبله الشاب الواعِد ويُضاف إليه نزوح عدد وافر مِن الأطباء وأفراد القطاع التمريضي الذين حملوا حقائبهم وشهاداتهم وخبرتهم واتجهوا إلى بلاد الله الواسعة شرقاً وغرباً.

أيدرك المسؤولون فداحةَ هذه الهجرة النوعية كما عرضها نقيب الأطباء ونقيبة الممرضين بحيث إذا ما استمرت في التفاقم يصبح القطاع الإستشفائي في لبنان عارياً في مواجهةِ جائحة الكورونا وإستشفاء المرضى ومعالجة الحالات المستعصية بحيث شكَّلَ لبنان نتيجة إتقان الطاقم الطبي والتمريضي الخدمة بمهارة بحيث سُمِّيَ مستشفى الشرق.

وما هي الحلول الممكنة لِوقفِ هذا النزيف غير تعديل التعرفة للأطباء والمستشفيات وعدم التأخر بِدَفعِ المستحقات وكبح سقوط العملة الوطنية وتعذَر التداول بالنقد الأجنبي كُلّها عوامل أدَّت فيما أدَّت إليه للفشل في إيجادِ الحلول إلى خراب القطاع الطبّي والإستشفائي والتمريضي. والحل يكون بمسارعة الجهات الضامنة لتسديد المتأخرات وتعديل التعرفات وإستدراك الوضع قبل فوات الأوان.

لم يعش اللبنانيون منذ عشراتِ السنوات إلاّ من سقوط إلى سقوط أفلَم يحن الأوان بعد لِوقف الإنهيارات بالإستجابة إلى الأمل الوحيد المتبقي والمرتكز على المبادرة الفرنسية؟

سؤالٌ برسم القوى السياسية.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها