فرنسوا ضاهر

الأحد ٢٠ أيلول ٢٠٢٠ - 08:38

المصدر: صوت لبنان

أيهما دمّر لبنان النظام السياسي أم الطبقة الحاكمة؟

ثابتٌ أن الأنظمة السياسية توضع لإدارة شؤون الشعوب،
ثابتٌ أيضاً أن الطبقة الحاكمة هي المؤتمنة على تطبيق أي نظام سياسي،
وثابتٌ أكثر فأكثر أن الأوضاع التي تؤول اليها الشعوب هي دوماً من ناتج أعمال وأفعال الطبقة الحاكمة، وليس مردّها الى تركيبة النظام السياسي الذي ينظّم عملها.

إنطلاقاً من هذه المسلّمات الثلاث، يمكن الإستنتاج بأن ما آلت اليه أوضاع البلاد، والإنهيار الشامل والكلّي الذي حلّ بها، والدمار الذي لحق بمدينة بيروت مؤخراً، يعود الى أعمال وأفعال وتجاوزات وهرطقات الطبقة السياسية التي حكمت هذه البلاد منذ دستور الطائف وحتى اليوم، وليس من ناتج النظام السياسي، الذي هو معدّ لتنظيم كيفية حكمها لها.

ذلك أنه ليس من نظام سياسي يدمّر بذاته وطناً أو يحول دون بناء دولة.

بل إن هناك طبقة حاكمة قادرة على أن تدمّر وطناً وأن تفشل في إقامة دولة، حتى ولو أوكل إليها أن تمارس حكمها، إستناداً الى أفضل وأرقى نظام سياسي في العالم.

إنطلاقاً مما تقدّم، إن الحملة التي تقودها منظومة الشؤم الحاكمة بذاتها، ضد النظام السياسي في لبنان، وما تنسبه اليه من عورات وعلل ونواقص أدّت الى أوضاع البلد الراهنة، إنما هو تضليل للشعب والناس.

إذ إنها هي التي أوصلت البلد الى أوضاعه،
وهي التي بدّدت سياداته، وهزّت مرتكزات كيانه،
وهدرت موجوداته ومدّخراته، وحتى قِيَمَهُ وتراثه
وثقافته.

من هنا، وقبل أن ينساق الناس الى الكُفر بنظامهم
السياسي، والإختلاف حول بديلٍ عنه، وفتح ثغرة في التوازنات الميثاقيّة التي أرساها النظام السياسي الحالي،
لا بدّ، أولاً بأول، من الإسراع في إقتلاع هذه المنظومة الحاكمة من جذورها، واستبدالها بطبقة سياسية جديدة.

تكون آتيةً من معاناة هؤلاء الناس ومآسيهم، وحريصةً على الحفاظ على الكيان، وعلى تدعيم سيادة الدولة وبناء المؤسسات وإرساء العدالة.

وإنه لغاية إفراز هذه الطبقة السياسية الجديدة والمتجدّدة،
يقتضي أن تعمل الثورة على إقرار قانون إنتخابي جديد قائم على النظام الأكثري بدوائر صغرى، لأنه المدخل الوحيد لزعزعة مرتكزات المنظومة الحاكمة، وهزّ عرشها، وخلخلة تماسكها، وتفتيت زبائنيتها.

وهو الأمر الذي تدركه تماماً، ما يجعلها ترفض هذا الخيار وتجهد لعدم السير به، وتصرّ على إعمال نقيضه.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها