عباس الحلبي

الأثنين ٢٧ نيسان ٢٠٢٠ - 14:38

المصدر: صوت لبنان

أَبِمثلِ هذه الممارسات تُعيدون الثقة؟

أظهرت جلسة مجلس النواب الأخيرة وبشكلٍ جلي وصول الطبقة السياسية الحالية إلى الإفلاس الكامل وبلوغ النهاية في صلاحيتها للحكم بعد الفشل المتراكم الذي أودى بالبلاد إلى قعر الهاوية بِما ينذر بسقوط الدولة نهائياً وإعلان لبنان دولة فاشلة في مئويته الأولى.

وترافق هذا السقوط المدوي بسقوط عملته فهنيئاً للحكم الذي أوصل البلاد والعباد إلى هذا السقوط. المهم ألاّ يسقط هو حتى ولو سقطت البلاد والعملة وأدت إلى الخراب، والأذن صمّاء عن صوت الناس والعين عمياء عن النتائج الكارثية لهذه السنوات وعوض الإنصراف لتحقيق الإنجازات نجح في تحقيق الإخفاقات.

المهم ألاّ تضيع الانتفاضة البوصلة اذا عاد زمن زخمها فتصوّب على الهدف الخطأ وتجانب الهدف الذي أوصل البلاد إلى هذا الخراب.

الهاوية التي بلغناها لَم تكن لولا سقوطِ فكرة الدولة عند البعض وغيابِ رجال الدولة عن الحكم والسلطة لأن أفرادها جميعهم هُمُ جماعةٌ لا تبغي إلاّ السلطة وتتنازَع عليها وعنوانها رئاسة الجمهورية.

لم يكن إتفاق القاهرة الذي أنهى الدولة والسيادة في مطلع السبعينات ممكنا” لولا الطموح إلى رئاسة الجمهورية. واليوم يُغَيَّر وجه لبنان بسبب الطموح في إنتخابات الرئاسة والسعي إلى إرساء حكم عائلي يتوارث مدعوما” بترسانة مسلحة قابضة لمفاصل الحكم وساعية لِضَربِ الإقتصاد.

لماذا هذا الحقد على لبنان الرسالة القائم على التعددية والحرية والكرامة المنتمي بفخر إلى مشرقيته وعروبته والمنفتح على حضارات العالم والغرب خصوصا”. وبأي حق يُستَدرَج البلد إلى إنتماءٍ غير إنتمائه وهويةٍ غير هويته وإستدعاء إنتماءات لم يعهدها من قبل وتُفرض فرضاً. 

ومَن قال أن اللبنانيين يقبلون أنْ يُحكموا هكذا وإن وافق بعض مسؤوليهم وتغاضوا عما نرى بغية تحقيق مصلحة شخصية أو غلبة فئوية أو الفوز برئاسة الجمهورية.

إنتظرنا بالأمس رئيس الحكومة يُعلِن سلسلة إجراءات أولها وضع اليد على ملف الكهرباء المسؤول الأول عن سقوط العملة وتعيين مجلس إدارة وهيئة ناظمة وكذلك في الإتصالات والطيران وإجراء التعيينات في مصرفِ لبنان ولجنة الرقابة وهيئة الأسواق والتبديل في الجمارك وسواها بِما يوحي الثقة لا أن يحاول أن يتصيّد حاكم مصرف لبنان. هناك تكون أسدا” يا دولة الرئيس وليس هنا. البلد يحتاج إلى اشاراتٍ لَم تأتِ وإجراءاتٍ لَم تتخذ. هذا ما يُعيد الثقة ويوقف تدهور العملة وليس المرجلة على حاكمِ مصرف لبنان وتدمير سمعة المصارف. المشكلةُ هي في إنعدامِ الثقة. أَبِمثلِ هذه الممارسات تُعيدونها؟

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها