المصدر: independent عربية
إسرائيل تتفوق جوا وإيران ترد أرضا وشرق أوسط قديم يتداعى
بعد أعوام من “الحروب بالوكالة” تنتقل المعركة إلى قلب الجغرافيا والسيادة، إذ تسعى إسرائيل إلى فرض تفوقها الاستخباراتي والتكنولوجي، فيما ترد إيران بكثافة صاروخية ومسيرات من عمق أراضيها. تظهر المقارنة العسكرية تفوقاً إسرائيلياً في الجو والبحر والدقة، مقابل إستراتيجية إيرانية تقوم على الردع العددي في ظل تحييد الأذرع الإقليمية.
يجمع مراقبون على أن الحرب بين إسرائيل وإيران ليست مجرد حلقة جديدة في صراع مزمن بين خصمين إقليميين، بل قد يشكل الفصل الأخير من الشرق الأوسط القديم وبداية تشكل معالم النظام الإقليمي الجديد. لعقود، فرضت إيران حضورها في الإقليم من خلال شبكة معقدة من الأذرع المسلحة الممتدة من لبنان وسوريا والعراق إلى اليمن، مارست عبرها نفوذاً سياسياً وأمنياً على دول عربية متصدعة، لكن ما تشهده المنطقة اليوم هو مواجهة مباشرة تنهي مرحلة “الحروب بالوكالة” وتدفع نحو صدام سيادي مكشوف، تختبر فيه القدرات العسكرية والاستخباراتية والتكنولوجية لكلا الطرفين.
في هذا الصراع لم يعد النزال يدور على أطراف الجغرافيا، بل في عمقها، ولا على حساب وكلاء، بل بين دولتين تتنازعان على موقع “الشرطي الإقليمي” في المرحلة المقبلة. من سينتصر في هذه الحرب سيكون الطرف الذي يقود ترتيبات الشرق الأوسط الجديد، على أنقاض نظام إقليمي اهتز طويلاً تحت وطأة التدخلات الإيرانية وانقسامات ما بعد الربيع العربي. إنها حرب لا تتعلق فقط بالأمن القومي، بل بهوية النظام الإقليمي القادم وبمن يمنح الشرعية ومن ينتزعها.
وبات واضحاً أن الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل ليست مجرد مواجهة عسكرية تقليدية، بل هي صراع أمني – استخباراتي ذو طابع تكنولوجي. إسرائيل تنقل الحرب إلى عمق إيران مستفيدة من اختراقات أمنية دقيقة وتفوق جوي، بينما تحاول إيران الرد بأسلحة ذات طابع كمي أكثر من كونه نوعياً، معتمدة على الرهبة والتشويش أكثر من الدقة.
العقيدة والقدرات القتالية
وفي مقارنة بين القدرات العسكرية الإسرائيلية والإيرانية، يبدو واضحاً التباين في العقيدة القتالية والقدرات بين إسرائيل وإيران بصورة جذرية، إذ تراهن تل أبيب على النوعية والدقة والمرونة، بينما تعتمد طهران على الكثافة العددية والردع الكلاسيكي.
في مجال سلاح الجو، تمتلك إسرائيل إحدى أقوى القوات الجوية في العالم مقارنة بمساحتها الجغرافية. أسطولها يشمل طائراتF-35I Adir الشبحية، وF-16 وF-15 المطورة، التي تمكنها من تنفيذ عمليات بعيدة المدى داخل العمق الإيراني بدقة عالية. وتستند هذه القوة إلى أنظمة ملاحية واستخباراتية متقدمة، فضلاً عن دعم استخباراتي مباشر من الولايات المتحدة. في المقابل، تعتمد إيران على طائرات قديمة الطراز مثل Mig-29 وSukhoi-24، تعود بمعظمها إلى ما قبل التسعينيات، وتعاني محدودية في المدى والقدرة على الاشتباك الجوي، إضافة إلى ضعف صيانتها بسبب العقوبات الدولية.
أما في المدرعات والدبابات، فإسرائيل تعتمد على دبابات Merkava IV المتطورة، وهي مزودة بأنظمة حماية نشطة مثل Trophy، تعد من الأكثر تطوراً في العالم، وتتمتع بقدرة على القتال في بيئات حضرية ومفتوحة على حد سواء. في المقابل، تمتلك إيران أعداداً كبيرة من دبابات T-72 ونسخاً محلية مثل Zulfiqar، لكنها تفتقر إلى الأنظمة الدفاعية النشطة المتقدمة، وتبقى أقل كفاءة في المواجهات المباشرة أو الهجومات المتحركة.
في ما يخص الترسانة الصاروخية، تمتلك إيران أحد أوسع برامج الصواريخ في المنطقة، يراوح مداها من 300 كيلومتر إلى أكثر من 2000 كلم. وتشمل أنواعاً مثل شهاب – 3، وحاج قاسم، وفاتح -110 على رغم كثافتها، إلا أن نسبة دقتها لا تزال محل تشكيك لدى مراكز الدراسات العسكرية الغربية، إذ قد تصيب أهدافاً مدنية بدلاً من مواقع إستراتيجية. في المقابل، تعتمد إسرائيل على صواريخ دقيقة التوجيه تُطلق من الجو أو البر، وغالباً ما تكون ذات فعالية عالية ومدعومة بتحديد أهداف استخباراتية دقيقة. كذلك تملك القدرة على اعتراض معظم الصواريخ القادمة باستخدام أنظمة دفاعية متعددة الطبقات، أبرزها Arrow 3، وDavid’s Sling، وIron Dome..
وفي القوة البحرية، تظهر إسرائيل مرونة فائقة على رغم محدودية ساحلها، فهي تدير أسطولاً صغيراً لكنه متقدم، يضم غواصات من طرازDolphin الألمانية القادرة على حمل صواريخ كروز بعيدة المدى، مما يمنحها قدرة ردع بحرية إستراتيجية، قد تشمل حتى إطلاق صواريخ نووية إذا لزم الأمر، وتدعم إسرائيل هذا الأسطول بسفن صواريخ سريعة من طراز Sa’ar 5، وأجهزة رصد بحرية متطورة.
على الجانب الآخر، تملك إيران أسطولاً مختلطاً يضم غواصات صغيرة وسفناً تقليدية وسريعة، إضافة إلى زوارق هجومية تستخدم بصورة أساسية في الخليج العربي. تركز البحرية الإيرانية على ما يعرف بـ”حرب الزوارق”، لا على السيطرة البحرية البعيدة المدى، مما يحد من قدرتها على خوض مواجهات مفتوحة أو تنفيذ عمليات بحرية إستراتيجية في مياه المتوسط.
بصورة عامة، تبين هذه المقارنة أن إسرائيل تمتلك اليد العليا من جهة النوعية والسرعة والدقة، سواء في الجو أو البر أو البحر. في المقابل تواصل إيران التعويل على إستراتيجية الإنهاك والردع العددي عبر الصواريخ والمسيرات، وعلى قدرتها على استنزاف خصومها أكثر من قدرتها على تحقيق اختراق نوعي في المواجهة المباشرة.
تحييد الأذرع
الحرب بين إسرائيل وإيران تجاوزت المفاهيم الكلاسيكية للمواجهة المباشرة، فبينما اعتمدت إسرائيل على تفوقها التكنولوجي والاستخباراتي لضرب أهداف داخل العمق الإيراني، لجأت إيران إلى سلاح الصواريخ الباليستية والمسيرات كوسيلة للرد، وسط غياب واضح للفاعلية الإقليمية لأذرعها العسكرية في لبنان والعراق واليمن وسوريا.
فعلى مدى عام ونصف العام سبقت المواجهة الحالية، ركزت إسرائيل على إستراتيجية تدريجية تهدف إلى تفكيك الحزام العسكري الذي شكلته إيران في الإقليم، والمعروف بـ”محور المقاومة”. نجحت تل أبيب، بتنسيق مع واشنطن، في تحييد “حزب الله” في لبنان عبر ردع استباقي وهجمات دقيقة، كذلك أضعفت حركة “حماس” في غزة بعد عملية “السيف الحديدي”، وضربت قدرات “الحوثيين” في اليمن والفصائل الموالية لطهران في العراق.
وبحسب تقارير مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS)، فقد تراجعت قدرة إيران على استخدام ساحات إقليمية كمنصات للهجوم أو الرد، مما دفعها إلى تغيير نمط المواجهة والاعتماد على أدواتها السيادية داخل الأراضي الإيرانية.
تفوق استخباراتي
في الأيام الأولى من المواجهة وجهت إسرائيل ضربات نوعية إلى منشآت عسكرية وعلمية داخل إيران، مستهدفة قادة في الحرس الثوري ومتخصصين في البرنامج النووي. تضمنت العملية اغتيال العميد غلام رضا سليماني وقادة في وحدة الطائرات المسيرة ووحدة الأبحاث.
ووفق تحليل لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، فإن هذه العمليات اعتمدت على “استخبارات بشرية متقدمة، وقدرة طائرات F-35 على التسلل إلى الأجواء الإيرانية من دون كشف عنها بالرادارات التقليدية، وتنفيذ ضربات دقيقة ثم العودة إلى قواعدها في إسرائيل أو قواعد أخرى صديقة”.
كذلك كشفت تقارير استخباراتية أن “الموساد” الإسرائيلي كثف خلال العام الأخير عملياته داخل إيران، وشكل خلايا داخلية أسهمت في رصد أهداف عسكرية ومنشآت حساسة.
الرد بالصواريخ والمسيرات
في المقابل، اعتمدت إيران على إطلاق موجات متتالية من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيرة من عمق أراضيها. وعلى رغم نجاح بعضها في اختراق الدفاعات الجوية، فإن معظمها اعتُرض أو لم يصب أهدافاً دقيقة.
بحسب معهد الدراسات الإستراتيجية الدولية (IISS)، فإن نسبة دقة الصواريخ الباليستية الإيرانية لا تتجاوز 50-60 في المئة، بينما تعد الطائرات المسيرة أقل فاعلية من ناحية الدمار، لكنها أكثر استخداماً لأغراض الإرباك وجمع المعلومات.
ويشير التقرير إلى أن مدى الصواريخ التي استخدمتها إيران يراوح ما بين 600 و2000 كلم، مما يعني قدرتها على استهداف إسرائيل من عمق الأراضي الإيرانية، ومع ذلك فإن انكشاف قواعد الإطلاق وحجم الرد الإسرائيلي قلل من فعالية هذه الهجمات.
سماء مفتوحة
لا توجد حدود مباشرة بين إيران وإسرائيل، لكن سماء الشرق الأوسط أصبحت المسرح الرئيس للعمليات. إسرائيل، وفق تقارير أمنية نشرت في Breaking Defense، استطاعت استخدام أجواء دول عدة مجاورة في عملياتها الجوية، سواء بالتنسيق أو عبر اختراقات سريعة، مما مكنها من الوصول إلى العمق الإيراني.
في المقابل، أجبرت إيران على استخدام ممرات معقدة لعبور المسيرات فوق العراق وسوريا، قبل محاولة دخول الأجواء الإسرائيلية، مما أعطى أنظمة الدفاع الجوي وقتاً كافياً للتعامل معها.
كذلك فإن غياب الساحات الإقليمية الفاعلة (لبنان، سوريا، العراق، اليمن، غزة) أضعف قدرة إيران على شن هجمات متعددة المحاور، مما جعلها أكثر انكشافاً وأكثر اعتماداً على تكتيك الإطلاق المباشر.
الدرع والهجوم
ويشير متخصصون في الشأن العسكري إلى أن إسرائيل استخدمت نظام “حيتس 3″ لاعتراض الصواريخ الباليستية، إلى جانب القبة الحديدية و”مقلاع داوود” للتعامل مع الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى. وقد نجحت هذه الأنظمة، وفق تحليل نشرته شركة Rafael Systems، في اعتراض أكثر من 85 في المئة من الهجمات.
كذلك، دمجت إسرائيل بين الذكاء الاصطناعي والبيانات الحية من الأقمار الاصطناعية والطائرات من دون طيار لتحديد مواقع الإطلاق، مما مكنها من تنفيذ ضربات سريعة ودقيقة.
أما على صعيد الهجوم، فقد استخدمت إسرائيل طائرات F-35 الشبحية، إضافة إلى مسيرات هجومية من طرازHermes 900 وEitan، بعضها انطلق من داخل إيران نفسها وفق تقارير نشرتها Al Monitor، مما يشير إلى وجود خلايا تصنيع أو قواعد صغيرة داخل العمق الإيراني.
قدرة إيران
السؤال المحوري يبقى: هل تستطيع إيران الاستمرار في هذه المواجهة؟ الجواب يتوقف على ثلاثة عوامل وفق متخصصين عسكريين وإستراتيجيين: الأول، المخزون الصاروخي، فعلى رغم امتلاك إيران ترسانة ضخمة من الصواريخ، فإن استمرار إطلاق المئات منها يومياً يتطلب قدرات لوجيستية معقدة ومصانع تعمل بكفاءة مستمرة، والثاني الضغط الداخلي، حيث تتزايد التوترات داخل إيران بسبب الضربات الجوية التي أصابت منشآت حساسة وأربكت النظام الأمني، إضافة إلى خسائر بشرية في صفوف النخبة العسكرية، أما العامل الثالث فيتمثل في الردع الاقتصادي من خلال العقوبات الغربية وتذبذب سوق النفط بسبب الحرب مما يؤثر سلباً في قدرة طهران على تمويل العمليات.
الدعم الأميركي
واشنطن تلعب دوراً رئيساً في تمكين إسرائيل تقنياً واستخباراتياً، لكنها حتى الآن لم تنتظم مباشرة في العمليات. ومع ذلك فإن تقارير من وزارة الدفاع الأميركية تؤكد أن الولايات المتحدة قدمت لإسرائيل صوراً مباشرة من الأقمار الاصطناعية، وقدرات تشويش إلكتروني لاختراق الدفاعات الإيرانية.
كما عززت واشنطن وجودها البحري في الخليج تحسباً لأي تصعيد ضد دول الخليج، وأرسلت إشارات ردع إلى الحوثيين لمنع انتظامهم في المعركة.
انهيار الدفاع الجوي الإيراني
في تحليل قدمه نائب رئيس الأركان للتخطيط في الجيش اللبناني العميد المتقاعد زياد الهاشم، شدد على أن فهم الفجوة العسكرية بين إسرائيل وإيران لا يمكن أن يتم من دون النظر إلى مجمل ميزان القوى بين البلدين، بما في ذلك عناصر الجغرافيا والاقتصاد والعقيدة العسكرية، إلى جانب الإمكانات التكنولوجية والاستخباراتية.
وأوضح أن إسرائيل، على رغم صغر مساحتها الجغرافية، تمتلك أسطولاً جوياً يعد من الأحدث عالمياً، يضم العشرات من طائرات F-35 الشبحية القادرة على التملص من الرادارات، إلى جانب قوة بحرية مدعمة بغواصات ألمانية حديثة، وقدرات إلكترونية تصنف ضمن الأقوى في مجال الأمن السيبراني وتكنولوجيا الدفاع. وأضاف أن تفوق إسرائيل لا يقتصر على القدرات المادية وحسب، بل يشمل أيضاً التفوق في مجال الاستخبارات الخارجية، إذ استطاعت تل أبيب توظيف شبكات تجسس وخلايا نائمة داخل الأراضي الإيرانية ذاتها.
وأشار إلى أن هذه القدرات مجتمعة مكنت إسرائيل من ضرب منظومة الدفاع الجوي الإيرانية بصورة شبه كاملة، بخاصة في المناطق الغربية من إيران، وذلك عبر عمليات مفاجئة اعتمدت على عنصر الخداع، وهو أحد المبادئ الأساسية في الحروب الحديثة. ولفت إلى أن الضربة الأولى التي تلقتها طهران لم تكن من الطائرات الحربية أو الصواريخ، بل من طائرات مسيرة انطلقت من داخل إيران نفسها، قادتها خلايا عملاء لمصلحة الاستخبارات الإسرائيلية، استهدفت منظومات رادار ومواقع دفاع جوي حساسة، مما شل القدرة الدفاعية الإيرانية قبل حتى بدء القصف الجوي والصاروخي المكثف.
واعتبر أن خسارة إيران هذه الركيزة الدفاعية الأساسية، بخاصة أنها جاءت من الداخل، شكلت ضربة نفسية وإستراتيجية قاسية، فتحت المجال أمام الطيران الإسرائيلي للتحرك بحرية كاملة في الأجواء الإيرانية، وتنفيذ سلسلة من الضربات العميقة التي وصلت إلى مراكز حساسة، علمية وعسكرية، من دون أن تواجه مقاومة جوية فعالة.
ويخلص إلى أن هذه التطورات لا تعكس فقط تفوق إسرائيل في التكنولوجيا والتخطيط العسكري، بل أيضاً هشاشة البنية الدفاعية الإيرانية حين تختبر في مواجهة مباشرة مع خصم يمتلك عنصر المبادرة وعمقاً استخباراتياً فائقاً داخل أراضي الخصم ذاته.
إيران تقلق إسرائيل
في المقابل، يرى العميد المتقاعد والمتخصص في الشأن العسكري اللبناني ناجي ملاعب أن الحرب الدائرة اليوم هي تتويج لصراع استخباراتي وتكنولوجي امتد أكثر من عقد، انطلاقاً من عملية “ستاكس نت” السيبرانية في 2011، مروراً باغتيالات علماء نوويين إيرانيين، وصولاً إلى اغتيال قيادات عسكرية عليا، يضع ملاعب هذا التصعيد ضمن سياق طويل من المواجهة غير المعلنة، التي تحولت اليوم إلى معركة علنية عالية الخطورة.
وبسؤاله عما إذا كانت إيران قادرة فعلاً على إطلاق 1000 أو 2000 صاروخ كما توعدت قيادتها، يوضح أن إيران تمتلك بحسب التقديرات نحو 20 ألف صاروخ متنوع المدى، وأنها قادرة، نظرياً، على تنفيذ هجوم مكثف على مراحل، لكن هذا لا يعني أنها قادرة على إطلاق دفعة واحدة بهذه الضخامة من دون أخطار لوجيستية وهجومية متبادلة. ويشير إلى أن 50 صاروخاً وحسب، بحسب التجربة الأخيرة، تمكنت بعضها من اختراق الدفاعات الإسرائيلية وإحداث دمار في مناطق كـ”ريشون لتسيون”، مما يطرح تساؤلاً جدياً: ماذا لو أُطلقت المئات دفعة واحدة؟
في المقابل، يعترف أن إسرائيل ما زالت تملك التفوق النوعي في الجو، والدقة، والسيطرة الإلكترونية، إلا أن نقطة ضعفها، برأيه، تكمن في صغر مساحتها الجغرافية. “المنطقة الخضراء” في وسط إسرائيل، وهي ما تعتبره تل أبيب قلبها الآمن، يقطنها أكثر من 4 ملايين مدني. استهداف هذه المنطقة يخلق صدمة نفسية هائلة، وهو ما تراهن عليه إيران في تصعيدها النفسي، وفق ملاعب.
ويضيف أن إسرائيل تحاول عبر هذه الحرب استدراج تدخل أميركي مباشر، بخاصة إذا شعرت بأن حجم الصواريخ يفوق قدرتها على الدفاع، تماماً كما حصل خلال قصف صدام حسين تل أبيب في 1991. وحذر من أن “إسرائيل تقاتل بسلاح أميركي وغربي، وأي تصعيد كبير قد يدفع الولايات المتحدة إلى تفعيل أدواتها العسكرية في المنطقة”.
وعن القدرات الإيرانية الدفاعية، يرى ملاعب أن طهران بدأت باستعادة جاهزيتها الجوية تدريجاً، مستندة إلى إنتاج محلي وتكنولوجيا محسنة، لافتاً إلى أنه على رغم اغتيال عدد من كبار القادة والعلماء الإيرانيين، مثل حسن إيرلو وحسين شمخاني، فإن النظام الإيراني لا ينهار بموت قياداته، لأن هناك منظومة جاهزة للاستبدال، بل يرى أن هذا التصعيد جعل الداخل الإيراني يلتف أكثر حول النظام، باعتبار أن التهديد وجودي.
ويختم ملاعب بالقول إن “إيران تسعى إلى استخدام هذه المعركة لإعادة توازن الردع في المنطقة وليس لحسم عسكري شامل، بينما تحاول إسرائيل تحقيق إنجاز إستراتيجي قد يقلب موازين القوى في الإقليم، لكن من دون تدخل أميركي مباشر فإن المعركة الطويلة ليست لمصلحة تل أبيب”.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها