الياس الزغبي

الخميس ٢٠ تموز ٢٠٢٣ - 09:44

المصدر: صوت لبنان

إلى المخدوعين ب”حلف الأقليات”

ما جرى في العراق تحت حكم “الحشد الشعبي” بمرجعيته الإيرانية، من تهجير لبطريرك الكلدان بعد تشكيل “سرايا الحشد” عند المسيحيين بتسمية مريبة، على غرار “سرايا المقاومة” ل”ح ل ز ب ا ل لّ ه” في لبنان، دليل ساطع إلى خطورة “حلف الأقليات” الذي انزلق إليه فريق مسيحي بشعار خادع هو “المشرقية”،
منذ توقيع ” تفاهم ٦ شباط” ٢٠٠٦، وحتى الأمس القريب، يدعو هؤلاء إلى “مشرقية” تشمل لبنان وسوريا والعراق و(الأردن وفلسطين)، أي عملياً الهلال الخصيب “السوري القومي الاجتماعي”، بأقلياته المتنوعة بين شيعة وعلويين وإسماعيليين ودروز ومسيحيين وأقليات أخرى، بما يشكل ضمناً جبهة تواجه الأكثرية السنّية في المنطقة، ترعاها وتقودها فعلياً الأقلية الشيعية العظمى في إيران.
وقد حقق هذا المشروع خطوات تنفيذية متقدمة، كان أبرزها تخريب التوازنات في سوريا، عبر حركة تهجير ونزوح مدروسة، وتغيير ديمغرافي في مناطق سورية واسعة خاضعة لنفوذ “الحرس الثوري الإيراني” و”ح ز ب ا ل لّ ه”، وكذلك في لبنان عبر هيمنة سلاح “الحزب” على الدولة وشلّ مؤسساتها ومصادرة سيادتها وقرارها الشرعي، ومحاولة التوسع الجغرافي والديمغرافي بقضم أراضٍ وتزوير ترسيمات عقارية خصوصاً في سلسلة جبال لبنان الغربية.
وطالما نبّهنا، مع آخرين، إلى خطورة هذا التحالف، ليس فقط على التوازن التاريخي بين مكونات هذا المشرق، بل على الأقليات نفسها، وخصوصاً الصغرى منها، وهي جميعها صغرى تحت هيمنة الأقلية العظمى بقيادة طهران.
وذهبنا إلى حد وضع عنوان ثانٍ لكتابنا “أمس الذي لم يَعبُر” الصادر قبل ٣ سنوات، وهو “لبنان في صراع الأقليات والأولويات”.
وها نحن قد وصلنا اليوم إلى الخطر الذي استشرفناه، بتحوّل الأقلية الكبرى إلى أكثرية ضاغطة وساحقة على سائر الأقليات التي تكون هربت من “دبّ” الأكثرية السنّية ووقعت في “جبّ” الأكثرية الشيعية.
وما جرى في العراق مع المسيحيين وبطريركهم، وما يجري في لبنان من تحكّم “ح ز ب ا ل لّ ه” بمصير سائر الطوائف، وتحديداً الآن المسيحيين عبر رئاسة الجمهوربة والمراكز الأولى المهمة، نموذجان حيّان عن الخطورة الواقعية ل”حلف الأقليات” وعنوان “المشرقية”.
وهناك بوادر طغيان “الأقلية العظمى” على الأقلية العلوية في سوريا، وعلى دروزها. وسينسحب الأمر تباعاً على سائر الأقليات، ولن تسلم (وهي لم تسلم فعلياً) الجماعة السنّية لا في لبنان ولا في سوريا ولا في العراق، ولو كانت إلى الآن أكثرية عددية.
أمّا الحلّ فهو في المواجهة الصلبة السياسية والشعبية السلمية التي يصلح لبنان نموذجاً لها. وقد عاينّا جولات ناجحة من هذه المواجهة، ليس فقط في ثورتَي ١٤ آذار و١٧ تشرين، بل في التصدّي الثابت لمشروع رأس “حلف الأقليات” في إخضاع لبنان برئاسته وحكومته ومؤسساته.
إن سلاح الموقف والحق أمضى الأسلحة وأفتكها، وهو الكفيل بإسقاط هذا “الحلف” الجحيمي بنسخته “الشيعوية العسكرية” في لبنان، ووراءها المشروع الإيراني الإمبراطوري الأكبر.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها