عباس الحلبي

الأثنين ١٧ آب ٢٠٢٠ - 13:54

المصدر: صوت لبنان

إلى اي درك هبطت السلطة؟!

غداً إن لم يطرأ طارئٌ سيدخل لبنان عصراً جديداً هو عصر عدم الأفلات من العقاب للمتهمين والمرتكبين في جريمة اغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه. ومهما يكن مضمون هذا الحكم والاشخاص الذين سيتناولهم فإن لبنان يدخل لا شك في مرحلة جديدة مليئة بالتداعيات والتأثيرات والنتائج خصوصا وان البلد لم يخرج بعد من وطأة الانفجار الرهيب الذي اصاب بيروت واهاليها. 

ازدحم الموفدون والرسميون من دول العالم لزيارة المدينة المنكوبة فاعتبر الحكم أن الحصار قد فك عنه وهو انتظر فواجع اللبنانين لكي يعوم نفسه. 

وها ان رئيس الحكومة المستقيل غير مأسوف عليه أمضى سبعة أشهر في الحكم فلم تأذن له اي عاصمة الدخول كما لم يزر لبنان اي مبعوث من الخارج. 

لم تسمع السلطة ربما ما قاله الرئيس الفرنسي عند حضوره إلى بيروت ولا في كلمته في مؤتمر الدعم مع سائر الرؤساء والمندوبين ان المساعدات ستأتي للجمعيات الاهلية وإلى الناس المصابين والمتضررين مباشرة دون المرور بأجهزة الدولة. 

إلى اي درك هبطت السلطة. ففي تاريخ المئة عام لم يشهد لبنان مثل هذا الهبوط المريع لأهل الحكم. 

دماء الشهداء لم تجف بعد والبحث مستمر في اثاث المنازل لانقاذ غرض من هذا البيت او ذاك والمفقودون بالعشرات لم تنجح فرق الانقاذ بالعثور عليهم بعد، وفي المقابل القوى السياسية تبحث عن رئيس للحكومة من الطقم البالي للوجوه نفسها التي امعنت في تدمير البلد وتبحث في توزيع الحقائب خصوصا الطاقة والخارجية حيث التيار السياسي الذي تسلم هاتين الحقيبتين على ما يزيد عن العشر سنوات قد نجح، ومن علامات نجاحه انه جعل لبنان في العتمة بلا كهرباء، وفي العزلة بلا اصدقاء، وهو يطالب بالاحتفاظ بالحقيبتين، كما في المالية بعد تراكم الانهيارات لدى نفس الحركة والقمع في الداخلية وسواها. 

يا للعار كل ذلك فوق دماء الشهداء وانين الثكالى وعذاب المصابين ومعاناة المتضررين.

لولا سواعد الشباب اللبناني الذي خف لمساعدة الناس ورفع الركام وكنس البيوت والشوارع ونقل الانقاض لبقي المشهد المأساة هو هو في غياب العاملين في القطاع العام الذي يستهلكون نصف موازانة الدولة وهم غائبون.

هذه ليست بدولة ولا هي بسلطة لا بل هي دولة فاشلة، او في احسن الاحوال لا دولة، والسلطة سلطةٌ فاسدة حرام ان تبقى لحظة وحرام الا تطرد وتحاكم وتسجن وينزل فيها اشد العقاب. من علامات فسادها استعمالها المحرمات في قمع المتظاهرين وقتلهم، ذنبهم انهم يطالبون ببناء الدولة.

لم يترك للقضاء شأنٌ ولا سلطة وإلا لكان الأولى بوضع المسؤولين جميعهم قيد التوقيف والمحاكمة.

لعل المحقق العدلي يسعى الاستعانة بالخبرات الدولية لجلاء الحقيقة ان لم تنجح المساعي والمطالبات بتعيين لجنة تقصي الحقائق والتحقيق الدولية.

فخر لبنان هو شبابه الذين أثاروا دهشة العالم في تضامنهم مع المنكوبين تطوعا ومجانا وعلى هؤلاء الشباب تقع مسؤولية اسقاط هجمة الكواسر على المباني التراثية لتملكها سعيا للربح الحرام دون ادراك لمخاطر تبديل وجه المناطق المنكوبة مدنيا وعمرانيا وديمغرافيا.

حمى الله لبنان من جميع هؤلاء.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها