play icon pause icon
صلاح سلام

صلاح سلام

الخميس ١٥ نيسان ٢٠٢١ - 12:53

المصدر: صوت لبنان

إنهيارات العهد أقوى من حرب نيسان..

تحل ذكرى الحرب المشؤومة والحسرة تنهش قلوب أجيال الحرب، الذين أضاعوا خمس عشرة سنة في معارك من أجل أهداف وهمية ببناء دولة العدالة والحداثة، ثم إستهلكوا ثلاثين سنة آخرى وهم يلهثون وراء سراب الدولة المدنية، والتوازن الإنمائي، والعدالة الإجتماعية، فكانت النتيجة قيام نظام طائفي ميليشياتي، يقتات من الإنقسامات الطائفية، ويعيش على العصبيات المذهبية، ويحتمي بالصراعات السياسية والحزبية.
١٣ نيسان ١٩٧٥، إعتبره آلاف الشباب بمثابة جرس الثورة التي كانت تُلهب حماس الأجيال الجديدة من أجل التغيير في الداخل، والإنتقام من هزيمة حرب حزيران ١٩٦٧ عبر الحرب الشعبية التي أطلقت شرارتها الأولى المقاومة الفلسطينية.
إهتز الجسد اللبناني الهش، ووقع الإنقسام الطائفي البغيض، وتشابكت التدخلات الخارجية، وتحوّل لبنان إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، بعدما تم تحميله وزر العمل الفدائي الفلسطيني عبر إتفاقية القاهرة المسمومة، والتي تجاوزت أبسط مفاهيم السيادة الوطنية، وجعلت من الحدود اللبنانية خط النار الوحيد للفصائل الفلسطينية، التي سرعان ما إنقلب سلاحها إلى الداخل اللبناني، وأصبح من الأدوات الرئيسية للحرب الداخلية، وتحولت المنظمات الفلسطينية إلى جماعات متناحرة لحساب أجندات خارجية على حساب قضية الوطن السليب!
حاولت بعض القيادات الإستقلالية المخضرمة تجنيب البلد الوقوع في آتون الحرب العبثية، ولكن حماس الشباب على ضفتي الإنقسامات الداخلية من جهة، وإستغلال التدخلات الخارجية، عربية وأجنبية، لفوضى السلاح والضرب على الأوتار الطائفية من جهة أخرى، أفشل محاولات القادة المخضرمين، وترك نيران الحرب تهشم الأخضر واليابس في الوطن المنكوب.
التاريخ يُعيد نفسه في أقل من نصف قرن من الزمن، ولكن مع تغيير في هوية اللاعبين وألوان أعلامهم وإختلاف أهدافهم، وإن بقيت ساحة الحرب هي نفسها، واللبنانيون هم وقودها… مع فارق لافت حيث أن تداعيات الحرب الراهنة وإنهياراتها الدرامية شملت كل شيء في حياة اللبنانيين، ولم تقتصر خسائرها على البشر والحجر، كما حصل في حرب ١٣ نيسان وسنواتها السوداء.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها