وليد حسين

الخميس ١٥ حزيران ٢٠٢٣ - 18:04

المصدر: المدن

الأساتذة مغبونون والمدراء سيسلمون مفاتيح مدارسهم: الاستسلام

تواصل وزارة التربية استعداداتها للامتحانات الرسمية، وحددت بدلات أتعاب المشاركين بالامتحانات التي ستدفع من الخزينة العامة، فيما لا تزال التعويضات بالدولار، التي ستحصل عليها الوزارة من الدول المانحة، عالقة. ووفق تعميم الوزارة سيتلقى رئيس مركز الامتحانات بدلاً يومياً بقيمة 400 ألف ليرة والمراقب العام 360 ألفاً والمراقب 320 ألفاً، ما يعني أن أجر الأستاذ في يوم المراقبة لا يصل إلى 3.5 دولار باليوم.

تعويضات الامتحانات
على مستوى تصحيح المسابقات حددت الوزارة أعلى أجر للمسابقات، أي تلك التي تحتاج إلى ثلاث ساعات حل من الطالب، بـ22500 ليرة لبنانية، فيما تلك التي تحتاج إلى ساعة حل 7500 ليرة. علماً أن أقصى ما يمكن الأستاذ تصحيحه خلال فترة عمل 12 ساعة هو نحو 130 مسابقة في الحالة الأولى، و300 مسابقة في الحالة الثانية. بما يعادل أجراً يومياً لا يتجاوز 25 دولاراً، في بعض أيام التصحيح، وليس كلها. فالأمر مرتبط بعدد المصححين في مراكز التصحيح.
أما رئيس اللجان الفاحصة، فأجر كل ثلاث ساعات له حدد بـ700 ألف ليرة، مثله مثل رئيس دائرة الامتحانات. يليهم مدراء المديريات ومصالح الوزارة بـ500 ألف ليرة عن كل ثلاث ساعات، مثلهم مثل رؤساء المناطق التربوية. ويليهم أيضاً رؤساء الدوائر بـ400 ألف ليرة عن كل ثلاث ساعات. وعادة تصل عدد الساعات المسجلة إلى أكثر من 18 ساعة باليوم، ليس خلال أيام الامتحانات، بل طوال الفترة التي تسبق الامتحانات وتلحقها بأسابيع عدة، وذلك للاستعدادات اللوجستية للامتحانات وصولاً إلى إصدار النتائج.

غبن يحلق الأساتذة
إلى هذه البُدل من الدولة اللبنانية، تسعى وزارة التربية إلى تأمين حوافز للمشاركين بالامتحانات بالدولار الأميركي، أسوة بالعام الفائت. وقد حددت الوزارة أجر رئيس المركز والمراقب العام بـ25 دولاراً، والمراقب بـ18 دولاراً وجلسة الأعمال الإدارية بـ15 دولاراً (كل ثلاث ساعات تحتسب جلسة). لكن لم يعلن الوزير عباس الحلبي عن هذه التعويضات، في انتظار تأمين أموال هذه الميزانية من الدول المانحة.
ويعتبر الأساتذة، الذين تقوم عليهم الامتحانات، أنهم الأكثر غبناً في الامتحانات، سواء من تعويضات الدولة أو من الدول المانحة. فتعويضات الدولة بالليرة اللبنانية تتأخر أشهرَ عدة لتحصيلها وتفقد قيمتها حيال تلاعب سعر الصرف، كما حصل العام الفائت. فيما تعويضات الدولار ما زالت مجرد وعود ولم يعلن عنها رسمياً بعد. ورغم ذلك سيشارك الأساتذة بالامتحانات طالما لا بديل أمامهم.

إشكاليات جبل لبنان
لكن بخلاف مختلف المناطق، حيث إقبال الأساتذة على تسجيل أسمائهم للمشاركة بمراقبة الامتحانات الرسمية مقبولاً، ما زالت وزارة التربية تعاني في منطقة جبل لبنان. ووفق مصادر “المدن”، ما زال التسجيل بطيئاً جداً ولم تتمكن الوزارة من تأمين أكثر من عشرين بالمئة من الكوادر البشرية المطلوبة. وهذا لا يشمل المراقبين بل رؤساء المراكز والمراقبين العامين. ورغم الضغوط التي تمارسها المنطقة التربوية، يمتنع غالبية مدراء المدارس عن تسجيل أسمائهم لتولي مراكز الامتحانات. ليس هذا فحسب، بل بسبب عدم تحويل الأموال لصناديق المدارس وعدم قدرة المدراء على دفع مستحقات المستخدمين، ثمة تشاور بين المدراء، لإقفال المدارس العام المقبل. وتقول المصادر أن الصمت الحالي هو لتمرير الامتحانات، لكن بعدها يتشاور المدراء للإقدام على تشكيل وفد يمثل كل المدارس، لتسليم مدير عام وزارة التربية مفاتيح مدارسهم، ليأتي بمدراء غيرهم في حال أراد إطلاق عام دراسي شبيه بالحالي.
معاناة وزارة التربية في جبل لبنان في إيجاد كوادر بشرية، كما تقول المصادر، بدأت بعدما تبين لها أن امتناع أساتذة الملاك كبير. لذا لجأت إلى الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي، ثم انتقلت إلى الأساتذة المستعان بهم، ولم تعد تدقق بشرط الخبرة لثلاث سنوات للمشاركة بالمراقبة. كما أنها لجأت إلى أساتذة التعليم الخاص. ورغم ذلك ما زالت هناك إشكالية كبيرة في تأمين الكوادر البشرية المطلوبة لتغطية 91 مركز امتحانات للشهادة المتوسطة و81 مركزاً للثانوية العامة، بما يعدل ثلث المراكز في لبنان.

غياب المرجعيات شمالاً
مصادر مطلعة في محافظة الشمال أكدت لـ”المدن” أن إقبال الأساتذة على تسجيل أسمائهم كبير جداً، وهناك فائض بعدد المراقبين. وتعوز المصادر السبب إلى يأس الأساتذة من إمكانية تغيير واقع الحال، وإلى عدم وجود مصادر تمويل لهم من المرجعيات السياسية، كحال باقي المناطق. فبخلاف باقي المناطق لم تعمل المرجعيات السياسية على تقديم مساعدات للأساتذة للعودة إلى التعليم. أما ممثلو الأساتذة في روابط المعلمين فقد استقالوا من عملهم في الروابط، وجلسوا جانباً يتفرجون على زملائهم من ممثلي باقي القوى السياسية.

وتضيف المصادر، أن غياب المرجعيات السياسية والنقابية عن المشهد العام في الشمال، وشعور الأساتذة أنهم مهمشون دفعهم إلى القبول بوعود وزارة التربية بتلقي الحوافز الدولارية لقاء المشاركة في الامتحانات. فقد شعر الأساتذة أنهم متروكون لقدرهم ولم يعد أمامهم إلا المراهنة على أمل تلقي الحوافز الموعودة.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها