play icon pause icon
عباس الحلبي

عباس الحلبي

الأثنين ٢٦ تموز ٢٠٢١ - 13:23

المصدر: صوت لبنان

البلد آيل الى الانتحار

الوطن-الرسالة يتخبط في تشكيل الحكومة وهو في عز أزمة تكاد تقضي على آخر معالم قوته وإستمراره.

لا يشكو الوطن من الجماعات الدينية المتعايشة على أرضه منذ فجرالتاريخ وليست العلة بالإنفتاح والحوار والحرية بل ما يشكو منه الوطن الصغير هو سوء إدارة التنوع وفساد القيّمين على هذه الإدارة بخلاف كل الدعاوى.

والتعايش يختلف عن العيش المشترك كون الأول رضوخاً للواقع وإعترافاً ضمنياً بوجود الإختلاف بين الجماعات تسليماً مفروضاً للعيش مع الآخر ولقبوله ضمن المجتمع الواحد في حين أن العيش المشترك هو قيمة إنسانية كبيرة مبنية على الوفاق والإلتزام وتجاوز التآنس والتآلف والإنسجام وصولاً إلى بناء دولة الشراكة بين مكوناته على قاعدة المواطنة.

كان لهذا التنوع الذي طبع صورة لبنان وكينونته وهويته أن يرتقي به إلى مصاف الدول الحضارية ولم يمكِّن صيغته التعددية من توطيد أسس الدولة وشرعيتها ومؤسساتها.

ولكن الواقع اللبناني وإن بدا في الظاهر مثالياً في العيش المشترك أحياناً غير أنه يبقى بعيداً عن هذه الحالة والشاهد على ذلك هو الإنحرافات الثلاثة العاصية عن التقويم التي طبعت وما زالت تاريخ لبنان الإجتماعي والسياسي والمتمثلة بيقظة العصبية الطائفية عند كل إستحقاق وطني وبظهور التناقضات الجوهرية التي تضرب روح الوحدة الوطنية عند كل منعطف سياسي أو ثقافي وبهاجس الخوف من الآخر والتربص به وصولاً إلى الإعتماد على الرعاية والتدخل الخارجيين وترجمة هذه التفسخات نراها في ما بلغته البلاد اليوم من حالة التأزم والإنهيار والفوضى والإفلاس. 

وتدل هذه الصورة المأساوية القاتمة أن الوطن-الرسالة في طريقه إلى الإنتحار تقوده إليه جماعاته التي لطالما كانت بالنسبة إليه مصدر فرادة وغنى ثقافي وتنوع إنساني وتعدد ديني.

كيف الخروج إن لم يكن بالعودة إلى الجذور التأسيسية للكيان اللبناني المرتكزة على صيغة ميثاقية كرستها وثيقة الوفاق الوطني كما العودة إلى الدستور. وهي أقصر الطرق وهي الكفيلة بالخلاص. 

فلماذا نتأخر والبلد آيل إلى الإنتحار. 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها