فرنسوا ضاهر

الأثنين ٢٦ كانون الأول ٢٠٢٢ - 11:02

المصدر: صوت لبنان

التسوية الرئاسية المحظورة

 

خلافاً لإرادة الشعوب السياديّة أجرى ممثّلوها تسويتين رئاسيتين الأولى في الدوحة في أيار ٢٠٠٨ أتت بالعماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، والثانية، إنطلاقاً من إتفاق معراب في كانون الثاني ٢٠١٦، أتت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.

وكان من ناتج هاتين الولايتين الرئاسيتين أن تمكّنت القوى الممانعة من وضع يدها على مفاصل الحكم المركزي في البلاد، فوصلت الى أوضاعها على كافة الصعد وفي كافة المجالات، المالية والاقتصادية والمصرفية والخدماتية والقطاعية، في المرفقين العام والخاص.

وإن الشعوب السياديّة إياها قد عادت ومحضت ممثّليها الأكثرية المطلقة في المجلس النيابي، بالانتخابات النيابية الاخيرة في أيار ٢٠٢٢، لتعبّر عن ارادتها الصارخة في إنتزاع البلد من قبضة القوى الممانعة عليه وإصرارها على إخراجه من الوصاية الإيرانية التي تمسك بمصير هويته وثقافته وكيانه ومستقبله.

ما يجعل الانتخابات الرئاسية الحالّة مصيرية.

وإنه للإمساك بنتائجها، تعمّدت القوى الممانعة تحريف مفهوم المادة ٤٩ دستور بإعتمادها قاعدة “وجوب توافر نصاب الثلثين المتواصل في جلسات إنتخاب رئيس جديد للجمهورية”، وذلك حتى تعطّل إمكانية وصول أي رئيس جديد لا يواليها ولا يشكّل غطاءً لمشروعها السياسي. فتستجرّ بذلك القوى السياديّة لتجري تسوية رئاسية ثالثة معها بأحد مرشحيها الثلاثة دون سواهم على الإطلاق (باسيل وفرنجية وجوزف عون). كما وعمدت الى محاصرة تلك القوى السياديّة عن طريق تحميلها مسؤولية الفراغ الرئاسي في حال بادرت هي الى إستخدام قاعدة نصاب الثلثين ذاتها، من زاوية إمتناعها، بمقدار ثلث أعضاء المجلس النيابي، عن حضور جلسات إنتخاب رئيس جديد للبلاد وتعطيل عملية إنتخابه.

لذا، وفي ضوء هذه الوضعية، بات محظوراً على ممثّلي الشعوب السياديّة إتمام أي تسوية رئاسية مع القوى الممانعة بشخص أي من مرشحيها الثلاثة، تحت أي ظرف كان، حتى لو بقيت البلاد في حال الفراغ او الشغور الرئاسي لأي أمد كان.

ذلك أن إتمام مثل هكذا تسوية يعني المزيد من تسليم البلد الى القوى الممانعة لحقبة زمنية إضافية ستعمّق من سوء أوضاعه وتكثّف من هجرة أبنائه وتعثّر ظروف إستنهاضه. فضلاً عن أنها تنبئ بأنه لن يكون بمقدور القوى السياديّة بعد اليوم أن تتولى إدارة شؤونه.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها