فرنسوا ضاهر

الأثنين ١٦ تشرين الأول ٢٠٢٣ - 08:14

المصدر: صوت لبنان

التفاعل بين المحاماة والأداء القضائي

بقدر ما ينحرف القضاء عن الأداء السليم، بقدر ما تتشظّى مهنة المحاماة.

بقدر ما يتسيّس القضاة في أدائهم، بقدر ما تنفرط مصداقيّة المحاماة.

بقدر ما يجعل القضاء نفسه عاجزاً عن مواجهة الملفات العاتية، إن في موضوعها وإن في نفوذ المتقاضين فيها، ويرزح تحت وطأتها، بقدر ما تنكسر قدرات المحاماة في التصدّي لجلاء الحقيقة وتحقيق العدالة.

وبقدر ما يبدّد القضاء الحقوق المتنازع عليها بفعل الإجتهاد المغلوط، بقدر ما تندثر أتعاب المحاماة.

وبقدر ما تتحطّم صورة القضاء في المجتمع، بقدر ما تؤخذ صورة المحاماة في جريرتها.

فالمحاماة اليوم تعاني مما آلت اليه أوضاع القضاء في مستوى أدائه وفي إنحرافاته وفي عجزه وفي تسييسه وفي تبعيّته وفي التشوّهات التي تصيب المؤسسات الحقوقية بفعل الإجتهاد الذي يضرب جوهرها.

هذا فضلاً عن أن تقاعس القضاء عن أداء مهامه الدستورية بفعل الإعتكافات المتكرّرة نتيجة تدنّي أوضاعه المعيشية كسواه من اللبنانيين من شأنه ان يشلّ عمل المحاماة كذلك مداخيلها.

فالقضاء هو الأداة التقريرية في عمل المحاماة. بحيث إن كلّ الشوائب والمعوقات والإخفاقات والإنحرافات التي تصيب الأول من شأنها أن ترتدّ على الثاني ومنه على المتقاضين والمجتمع عامةً.

من هنا، بات يقتضي إنشاء مكتب لدى نقابة المحامين يتولّى الرقابة والتدقيق والتمعّن في العمل القضائي، ونقل توصياته وملاحظاته على الأداء القضائي تباعاً الى مجلس القضاء الأعلى في إجتماعات دورية تُعقد لغاية التنسيق والتصويب.

كما بات يتعيّن أيضاً على نقابة المحامين أن تطالب بإعادة تكوين محكمة توحيد الإجتهاد في لبنان في كلّ الاختصاصات. بحيث تؤلَّف من رجال قانون متفرّغين ومشهود لهم بعلمهم وتجرّدهم حتى يفصلوا بالنقاط القانونية الخلافية والتي يتضارب فيها الإجتهاد. فتكون لقراراتها القوة الأدبية الملزمة للمحاكم، وتكون تالياً قراراتها مدخلاً لإتمام تعديلات في التشريعات السارية.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها