عباس الحلبي

الأثنين ١٦ كانون الأول ٢٠١٩ - 07:47

المصدر: صوت لبنان

الثقافة الضوء المشرق في عتمةِ الليل

في الجو المضطرب الذي يخَيِّم على لبنان تبرز المفارقة المدهشة بين وقائعِ الحياة اليومية والسياسية الخانقة والأمل الصاعد بتحرّك الجيل الجديد ورفضه لهذا الواقع بكلِّ أبعاده واشكالياته، وفي هذا الجو كانت الثقافة الضوء المشرق في عتمةِ الليل من بوابة الأونيسكو في باريس خلال المؤتمر العام الأربعين لها.

فمِن إقرار الموازنة السنوية وبرنامج العمل للسنواتِ القادمة إلى إعلانِ أيام عالمية لشجرةِ الزيتون بناءً لطلبِ لبنان وتونس، إلى اليوم العالمي للفنان وآخر للفن الإسلامي ورابع للثقافة الافريقية وقرارَين متصلَيْن بالقدس وحفظِ هويتها العربية وكذلك حول المؤسسات التربوية والثقافية العربية فضلا” عن أمور كثيرة تصب جميعها في تعزيز دور الأونيسكو العالمي.  

وقد كان نقاشٌ حاد بشأنِ المتاجرة غير الشرعية بالتحف الفنية والآثار التي يتم التداول بها في سوقِ التجارة العالمي خصوصا” بينَ بلدان المصدر كمصر وتونس والهند واليونان والباراغواي وبعض الدول الأخرى بوجهِ الدول التي يجري فيها هذا التداول كألمانيا وفرنسا وإنكلترا وسويسرا. 

وقد توصَّلَت اللجنة إلى تسوية بالخصوص يحفظ للأونيسكو دورها في التثبّت لتأكيد مشروعية الحصول على هذه التحف والآثار وإلاّ التدخل لمنعها من التداول في هذه الأسواق على صعوبةِ الاثبات في حالات كثيرة وإستعادتها. هذا فضلا” عن قرارات تتصل بالمتاحف وأهمية التربية الفنية وتعزيز الصندوق العالمي لترويج الثقافة وإقامة مركزين في كوريا لعرض التراث العالمي وآخر في الشارقة في الإمارات العربية المتحدة للتراث غير المادي وسواها.  

ومِن علاماتِ التفاؤل لمستقبلِ الثقافة في العالم والأونيسكو تحديدا”، إبداءِ المديرة العامة السيدة Audrey Azoulay إرتياحها إلى رغبةِ الدول في تعزيزِ موازنة الأونيسكو السنوية عن طريق إلتزام جميع الدول البالغ عددها 193 دولة تسديد المستحقات عليها بالإشتراكات والمساعدات بِما يجعلها للسنة الأولى وبعد فترةِ الأزماتِ المالية تنعم بموازنة كافية لتنفيذ برامجها البالغة ما يفوق الخمسماية مليون د.أ. خُصّص منها مبلغ مئتين وعشرين مليونا” للثقافة. 

إنه إنجاز كبير لليونيسكو بعد حرمانها من المساعدات الأميركية التي توقفت نتيجة قبول فلسطين كعضو وإنسحابها من المنظمة الدولية تضامنا” مع إسرائيل المعترضة على ذلك والتي إنسَحَبَت منها جرّاء هذه الموافقة. 

إنَّ لبنان الممثَل أحسن تمثيل في المنظمة الدولية عبر رئيسة البعثة السيدة سحر بعاصيري وطاقم البعثة الذين كانوا لنا خير معين في تحمّل هذه المسؤولية كما أود التنويه باللجنة الوطنية اللبنانية لليونيسكو رئيسا” وأعضاء وطاقما” إداريا” على التشجيع بما يؤمن ترسيخ التعاون مع المنظمة الدولية لإفادة لبنان من عدد من المشاريع التي يمكن تنفيذها وأن تسدّ الفراغ في قصور موازنة وزارة الثقافة عن تحقيق مثل هذه المشاريع خصوصا” في هذه الأزمة الإقتصادية والمالية القائمة في لبنان. فالثقافة كانت ولا تزال مصدرا” للتبادل والحوار المثمر وعامل سلام وقوة دافعة للتنمية والنمو الإقتصادي وهي تمكننا من الإستجابة في شكل مباشر وفعَّال لمخاوف اليوم ومواجهة تحديات المستقبل. 

فهل زاد وعينا على أهميتها في بلادنا وجعلناها أولوية أسوةً بالسياسة والإقتصاد؟

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها