خالد حمادة

الثلاثاء ٢٣ نيسان ٢٠٢٤ - 08:21

المصدر: اللواء

الجمهورية الإسلامية في العصر الأميركي

قدمت عملية طوفان الأقصى وامتداداتها الإيرانية الى الساحات العربية، ومنها جنوب لبنان، ما يكفي من المؤشرات التي يجب التوقف عندها ملياًّ لفهم العلاقات الأميركية الشرق أوسطية، وفي مقدّمتها العلاقات الأميركية الإيرانية والعلاقات الأميركية الإسرائيلية، بما يسمح بقراءة نظام المصالح المعمول به بين الدول الثلاث، وربما بتعبير أدق حدود وضوابط المصالح الإيرانية والإسرائيلية في ظل نظام الرعاية الأميركية القائم..
لم يكن النأي بطهران الذي قدّمه كل من مرشد الجمهورية ووزير خارجيتها عن عملية طوفان الأقصى كافياً لحزب الله أو لمن يدور في فلكها للتفكير في أبعاد هذا الموقف، كذلك لم يتوقف هؤلاء عند التلقف الأميركي الإيجابي له، بل ربما اعتبروه نوعاً من الحذاقة التي تمارسها طهران والتي لن تلبث أن تعود عنه لتتموضع في مكانها المفترض في لحظة مناسبة يعود تحديدها لها وحدها.
وفي السياق نفسه لم تحظَ كل عمليات القصف الإسرائيلي شبه اليومية التي طاولت مواقع الحرس الثوري في العمق السوري وسقط بنتيجتها العديد من قيادييه بلحظة تأمل وتبصّر لدى حلفاء طهران لإعادة النظر أو لمحاولة فهم خارجة عن المألوف لحقيقة الدور الإيراني في المنطقة وثوابته، وما الذي تعنيه طهران بالصبر الاستراتيجي وعدم الرغبة في توسعة الحرب بالرغم من الخسائر في صفوف أذرعها. لكن بالمقابل لا يمكن لكل هؤلاء تجاهل ملابسات وتداعيات تدمير إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من الشهر الجاري وإشاحة النظر عن التناغم الأميركي مع إيران وإسرائيل في ضبط رد الفعل الإيراني في ليل 13-14 الجاري بالرغم من كثافته والرد الإسرائيلي على الرد والذي أعقبه تدمير لقواعد الحشد الشعبي في العراق شمال بابل حيث تتمركز رئاسة أركانه والقاعدة الصناعية العسكرية التي يضع يده عليها.
التناغم الإسرائيلي الإيراني تحت مظلة الولايات المتحدة في الرد والرد على الرد عنوانه عدم سقوط قتلى من الطرفين، وهذا لا يسري طبعاً في لبنان وسوريا والعراق حيث لا يستوجب العدوان الإسرائيلي الرد وحيث تستباح دماء اللبنانيين والسوريين والعراقيين وتهدم بيوتهم. يمثّل لبنان الساحة الأكثر إستباحة ليس فقط لجهة التدمير الممنهج الذي تتعرض له القرى الحدودية والعدد الكبير من الشهداء اللبنانيين أو لجهة إستحضار كتائب القسّام إلى الجنوب لتقديم ما أمكن من مبررات للعدوان على لبنان، بل باستمرار ما تبقى من الطبقة السياسية في لبنان بوضع الرأس في الرمال إعتقاداً أن ذلك سيمرر العاصفة بأقل قدر ممكن من المواجهة مع حزب الله الذي يتصدر المشهد قسراً بما لا يراعي مصير لبنان وقدراته ومصالحه الوطنية.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها