الحالة الفراغية الثالثة

في فرنسا، يتولى رئيس مجلس الشيوخ مهام رئيس الجمهورية لدى خلوه، وقد استحدث دستور الجمهورية الخامسة هذا التعديل بموجب الفقرة الرابعة من المادة السابعة منه بعدما كان المنصب يتولاه رئيس الجمعية الوطنية، البرلمان، والأسباب الموجبة لهذا التعديل اقتضاه الاحتياط الأقصى لمنع أي فراغ كون مجلس النواب قد يتعرض للحل بخلاف ال Sénat الذي لا سلطة لأي كان بحله.

والرئيس الانتقالي لا يمارس كل سلطات رئيس الجمهورية كي لا يضفي سياسته الشخصية خلال الفترة الانتقالية. فمثلاً لا يستطيع إحالة مشروع قانون على الاستفتاء، ولا طلب تعديل الدستور، ولا حل مجلس النواب. وفي حال تعذر على رئيس مجلس الشيوخ القيام بمهامه، تتولى الحكومة مجتمعة collégialement المهمة. وفي تاريخ الجمهوربة الفرنسية الخامسة منذ العام ١٩٥٨ وحتى تاريخه، لم يصدف أن استعملت هذه الآلية سوى مرتين: عام ١٩٦٩ بعد استقالة الجنرال ديغول عقب فشل الاستفتاء الذي طلبه، وعام ١٩٧٤ بسبب وفاة الرئيس جورج بومبيدو.
في فرنسا، حالتان طبيعيتان خلال أربع وستين سنة، واحدة بسبب الاستقالة والثانية بسبب الوفاة، وفي لبنان حالتان غير طبيعيتين خلال نصف الفترة الفرنسية، خلال اثنتين وثلاثين سنة، والحالتان سياسيتان، الأولى بعد انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود الممددة عام ٢٠٠٨ واستمر الشغور أكثر من ستة أشهر وانتهى بتسوية في الدوحة بين الفرقاء السياسيين أوصلت ميشال سليمان الى بعبدا، والثانية في نهاية ولاية الأخير عام ٢٠١٤ واستمر الشغور سنتين ونصف وانتهى بانتخاب ميشال عون بعد تسوية سياسية مع أحزاب وتيارات وافقت على انتخاب عون. والحالة الفراغية الثالثة على الطريق.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها