وليد حسين

السبت ١٧ شباط ٢٠٢٤ - 18:41

المصدر: المدن

الحلبي أنجز ملف التفرغ: يؤمن حاجة الجامعة ويرضي الطوائف؟

منذ تسلمه ملف التفرغ في الجامعة اللبنانية كان وزير التربية عباس الحلبي أشبه بمن يسير في حقل ألغام. فقد تسلم ملفاً متضخماً بالعدد (نحو 1750 متعاقداً) ويقوم على خلل كبير في التوزان الوطني بين الطوائف والمذاهب. ملف ضم جميع المتعاقدين في الجامعة بمن فيهم أساتذة أنصبتهم تقل عن خمسين ساعة في مواد الاختصاص أو رفعت أنصبتهم في أكثر من كلية وبأكثر من اختصاص.

الملف يجهز الأسبوع المقبل
ملف معقد ومتفجر بطوائف لبنان، عمل عليه الحلبي على قاعدة أن يخرج من وزارته قابلاً للإقرار في مجلس الوزراء، ولا يواجه سياساً وطائفياً، فيسقط عند أول امتحان ويضيع حق المتعاقدين.

وصلت الأمور إلى خواتيمها بعدما تم ترشيق الملف وتخفيض عدد المراد تفريغهم، وفق معايير الحاجة والكفاءة والتوازن الطائفي أيضاً، ويخدم مصلحة الجامعة، التي تحتاج إلى تفريغ أساتذة. وتؤكد مصادر وزير التربية لـ”المدن” أن الملف سيكون جاهزاً الأسبوع المقبل لرفعه إلى مجلس الوزراء.

سيكون الأسبوع المقبل حافلاً باللقاءات حيث سيكشف عن العدد النهائي الذي لم يحدد بعد في انتظار بحث بعض التفاصيل. وأكدت المصادر أن العمل طوال المدة الفائتة كان على تشكيل ملف يؤمن حاجة الجامعة من دون أي تدخل سياسي.

أما بما يتعلق بالتوازن الطائفي فلفتت المصادر إلى أن الوزير الحلبي لم يعمل على قاعدة وضع متعاقد من هذه الطائفة مقابل متعاقد من طائفة أخرى. لكنه في المقابل عمل كثيراً على تشكيل ملف متوازن طائفياً ويرضي الجميع على قاعدة إيفاء حاجة ومصلحة الجامعة، ليكون قابلاً للإقرار في مجلس الوزراء.

ولناحية التوازن المالي وقدرة ميزانية الجامعة على استيعاب العدد الكبير من المتعاقدين للدخول إلى التفرغ، فلفتت المصادر إلى أن التوازن بحثته الجامعة اللبنانية، ولم يتدخّل الحلبي بهذا الشأن. وقد أكد رئيسها بسام بدران أنه يستطيع تأمين التوزان المالي في حال أقر ملف التفرغ.

المناصفة بين المسلمين والمسيحيين
يفترض أن تتبلغ الرابطة المارونية، التي سيزورها الحلبي يوم الإثنين المقبل، التفاصيل النهائية للملف في الاجتماع المخصص لهذه الغاية معه. وكذلك ثمة لقاء سيعقده الحلبي مع وفد من لجنة الأساتذة المتعاقدين يوم الأربعاء.

الرابطة المارونية ستشدد على إقرار ملف يفي حاجة الجامعة، لكن بشرط أن يكون متوازناً على قاعدة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين. وتؤكد المصادر أن ثمة ضغوط لتضخيم الملف بما يزيد عن 1200 متعاقد لرفع الحصة الشيعية بأكثر من مئة متعاقد، كي يمرر وزراء الثنائي الشيعي الملف في مجلس الوزراء. في المقابل تصرّ القوى المسيحية على مبدأ المناصفة. ففي الوقت الحالي وحتى لو رفع الوزير الحلبي ملفاً بنحو ألف ومئة اسم، لا يوجد توزان تام بين المسيحيين والمسلمين، لأن العدد الفعلي للمسيحيين في كل الملف لا يتجاوز 530 متعاقداً. وهذا العدد معرض للانخفاض بعد شطب غير المستحقين (من لديهم أنصبة في الكليات بعدد ساعات قليل) أو لا يوجد حاجة للكلية لجعلهم ضمن ملاكاتها. وفي حال تضخم العدد في ملف التفرغ سيؤدي ليس إلى الإخلال بالمناصفة، بل حتى بالتوازن الذي يصر البعض على جعله قائماً على قاعدة 45 بالمئة للمسيحيين مقابل 55 بالمئة للمسلمين.

ملف شعبوي وغير متوازن مالياً
مصادر أكاديمية عملت على ملف التفرغ في العام 2017، الذي لم يقر بتاتاً، لفتت إلى أن رئيس الجامعة السابق فؤاد أيوب رفض زيادة العدد المراد تفريغهم حينها عن 740 متعاقداً. وهذا العدد لم يأت من فراغ بل بناء على دراسة ملاكات الجامعة التي نفذتها لجنة أكاديمية في العام 2015. وقام مبدأ الحاجة الفعلية لرفع الملف بـ740 متعاقداً ليس على ملاكات الجامعة فحسب، بل على قاعدة تأمين التوزان المالي وقدرة الجامعة على دفع رواتب المتفرغين.

وتضيف المصادر أن عدد طلاب الجامعة كان نحو 85 ألف طالب. وكانت الجامعة في أوج توسعها على مستوى التخصصات والمسارات، وحققت وفراً مالياً بنحو 34 مليار ليرة. أما اليوم فقد انخفض عدد الطلاب إلى ما دون ستين ألف طالب، وثمة ضرورة لإقفال مسارات وإلغاء ماجستيرات وربما تخصصات في مرحلة الإجازة. وصحيح أن عدد المتقاعدين قد يصل إلى نحو ألف أستاذ في السنوات العشرة الأخيرة، ما يستوجب إدخال متعاقدين إلى التفرغ ثم الملاك، لكن لا يمكن أن يكون العدد المراد تفريغهم اليوم أكثر من العام 2017، بعد هذا الانحسار الذي شهدته الجامعة على مستوى الطلاب والتخصصات.

ووفق المصادر ملف التفرغ الحالي قام على “الشعبوية” والمزايدات ومن دون أي دراسة لحاجة الجامعة وقدرتها المالية. ولم يحسب أي حساب للتوازن المالي في الجامعة في السنوات المقبلة. ففي العام 2017 كانت ميزانية الجامعة تقدر بنحو 250 مليون دولار، فيما وصلت الميزانية العام الفائت إلى نحو 8 ملايين دولار. وصحيح أن ميزانية الجامعة ارتفعت إلى أكثر من 60 مليون دولار حالياً إلا أنها غير كافية لأي تصحيح جزئي لرواتب الأساتذة والموظفين. ورغم ذلك سيتم إثقالها بتفريغ أكثر من ألف متعاقد من دون أي تصور لكيفية تأمين التمويل.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها