الياس الزغبي

الأثنين ٥ حزيران ٢٠٢٣ - 10:03

المصدر: صوت لبنان

الحل بإسقاط “الثنائية العميقة” أو بالحيادَين

لا يقف التوافق على اسم جهاد أزعور للرئاسة عند حدود “التحدي والمواجهة” التي يفترضها “فريق الممانعة” الذي بات مرتبكاً ومتوتراً بوضوح أمام هذه النقلة النوعية، بل يتعداها إلى حدود تفكيك المنظومة الثنائية القائمة منذ انقلاب العام ٢٠٠٦، والمثبّتة منذ انقلاب ٢٠١١، بركيزتيها المتساندتين: السلاح والفساد.
ليس تفصيلاً أن يرسو الاتفاق على شخصية غير منغمسة في المنظومة برغم اشتراكها العابر في السلطة كوزير للمال بين الانقلابين، فلا أحد يستطيع أن يأخذ عليها صبغةَ اصطفاف سياسي حاد، ولا فشلاً في مجال المال والاقتصاد، ولا موقفاً منحازاً في الصراعات الإقليمية والدولية.
لكن انتسابها إلى السياق التاريخي الطبيعي للبنان في موقعه العربي والدولي، وهويته الدستورية بالتزام المواثيق العربية والدولية، يجعلها حكماً خارج “محور الممانعة” ونظرية “توحيد الساحات والميادين”. وهنا يكمن سر الرفض المتوتر الذي ظهر لدى “حزب اللّه” و”حركة أمل” وبطانتهما المنسوجة في مجموعة المنتفعين لدى طوائف أخرى.
كما تكمن هنا حقيقة ما يسمّى ب”الدولة العميقة” التي طالما نُسبت خطأً إلى موروثات “المارونية السياسية” وتحالف المصارف والبنك المركزي وأصحاب النفوذ والصفقات والاقطاع التقليدي ومواقع السلطة، بينما هي في عمقها نتيجة الحلف الجحيمي الجديد بين السلاح والمصالح، وقد طغى هذا الحلف على كل التركيبات السابقة ووظّفها في فتات حديثيّ نعمته.
لذلك، فإن المواجعة الفعلية باتت بين الأسس الصحيحة التي نهض عليها لبنان، كدور اقتصادي ومالي ناجح، ورسالة انفتاح وسلام وازدهار وحداثة، وبين “الثنائية العميقة” المستحدثة على ركام الدولة الطبيعية التي بنتها أجيال من الرواد الناجحين.
وليس جهاد أزعور، وقبله ميشال معوض، أو سواهما من الأسماء المشابهة بانتمائها، سوى رمز لهذه المواجهة الفعلية بين اللبنانَين الأصلي والمزيّف، الثابت والطارئ، وحالة اختبار لمدى قدرة الحيوية اللبنانية المتجددة، على إسقاط ثنائية السلاح والمال، وليس الثنائية المذهبية المعروفة.
وقد بات واضحاً أن “دولة” هذه الثنائية رفضت معوض ثم أزعور، وسترفض كل من يشبههما، تحت التصنيف الجاهز وراء شعار “الترشيح المناورة”، أو مرشح “التحدي والمواجهة”.
فالنجاح الفعلي ليس في تفكيك “ثنائية حزب اللّه – أمل” ، فهي مكوّن لبناني في حاله ومآله، وليس في تفكيك سلاح “الحزب”، بل في تفكيك حلقات “الدولة العميقة” المستحدثة التي تنسف ركائز البنيان اللبناني كدولة سيدة ووطن مستقر ومزدهر.
وإذا لم يُكتب النجاح لهذه المحاولة الرائدة التي تكوكبت حولها أكثرية لبنانية ومسيحية في اليومين الأخيرين، فإن مستقبل لبنان سيكون مفتوحاً أمام حل واقعي قائم على حيادَين:
حياد داخلي بين المكونات والمناطق،
وحياد خارجي يضمن حياة مستقرة بين هذه المكونات والمناطق.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها