حسان القطب

الثلاثاء ٢٩ كانون الأول ٢٠٢٠ - 13:44

المصدر: المركز اللبناني للابحاث والاستشارات

الحوار خيار استراتيجي…وليس قرار مرحلي تكتيكي…!!

الحوار ليس شعار او عبارة عن يافطة ترفع حين الضرورة لتجنب مواجهة او حين الشعور بالضعف والعجز، الحوار يجب ان يكون مبني على قناعة كاملة بأنه السبيل الوحيد والاوحد لانهاء النزاع وتجنب المواجهة… او لتعميق وتطوير العلاقات مع الطرف الآخر على اسس ثابتة راسخة ومستقرة… والانطلاق بالعلاقات سواء على اسس سلمية في حال كان الحوار منطلقاً لحل نزاع، وبناء مستقبل مفعم بالتطور والنمو والازدهار في حال كان للانطلاق في بناء شراكة سياسية واقتصادية حقيقية…

منذ فترة وجيزة تتوالى الدعوات لاطلاق حوار بين ايران والدول العربية وخاصةً الخليجية منها، ولاطلاق حوار بين حزب الله والحركات الاسلامية في العالم العربي والاسلامي. سواء على لسان بعض السياسيين او من خلال استخدام اقلام بعض الصحافيين، واستغلال بعض البرامج التلفزيونية للتعبير عن الرغبة في اطلاق حوار جدي لتجاوز الازمات السياسية والاقتصادية التي ينعاني منها في عالمنا العربي والاسلامي..؟؟؟

وأخر دعوة للحوار كانت موجهة من امين عام حزب الله، حسن نصرالله، داعياً الى حوار بين محور ايران وهو احد اركانه والحركات الاسلامية وهنا يقصد حركة الاخوان المسلمون، من خلال حركة حماس التي تتمتع بعلاقات طيبة مع محور طهران..؟؟ واشار في مقابلته الى ضرورة التواصل مع حركة الاصلاح اليمنية باعتبارها جزء اساسي من حركة الاخوان في العالم الاسلامي والعربي..؟؟؟…وفي سياق حديثه تطرق الى الثورة السورية، ودور ايران ومحورها وروسيا وجيوشها، في مواجهة وقمع انتفاضة الشعب السوري على سلطة الاسد المستمرة منذ خمسون عاماً..؟؟

وهنا نعود لتاكيد على ان الحوار هو مسار يجب ان يكون مبنياً على قناعة ورؤية استراتيجية تهدف لترسيخ الاستقرار وانهاء الصراع وليس لتجنب ازمة مرحلية صعبة لا يمكن تجاوزها الا بإطلاق حوار تمهيداً للانقلاب عليها لاحقاً عندما تكون الظروف مناسبة..؟؟ او وقعت متغيرات سياسية وامنية تسمح بالانقلاب..؟؟

ولنا في لبنان تجربة وعبرة… على سبيل المثال اتفاق الدوحة الذي تم توقيعه بين القوى اللبنانية عام 2008، في الدوحة برعاية عربية وموافقة دولية وايرانية لوقف الصراع السياسي ووقف الهجمة المسلحة التي قادها حزب الله على مكونات لبنانية …عاد فانقلب عليه حزب الله وامينه العام ومن معه من قوى سياسية عند اول فرصة اشتم منها هذا الفريق مظاهر ضعف او تراجع في محور الطرف الاخر..؟؟؟

الحوار يتطلب استخدام لغة واحدة لا مجموعة لغات.. وعدم استخدام مفردات ومواقف متباينة ومتعارضة ومتضاربة يمكن ان يفهم منها حجم ومستوى تردد اي فريق يسعى او يطلب الحوار، او استعداده للانقلاب على مواقفه السابقة دون سابق انذار او تقديم رؤية واضحة مما يعني انه يخدع خصومه وكذلك جمهوره الذي يقدم التضحيات لخدمة مشروعٍ يتغير فيه الحلفاء بين يومٍ ويوم..؟؟؟ ولذلك نسرد بعض الامثلة الواقعية والتي هي ليست افتراضية:

…وهذا آخر مشهد متناقض… يدفعنا للتساؤل من نصدق هنا …السفير الايراني في بغداد….؟؟ او حسين امير عبد اللهيان..؟؟؟؟

28/12/2020….قال إيرج مسجدي، السفير الإيراني في العراق، في مقابلة مع قناة العهد إن التصعيد توقف بين إيران وأميركا بعد الرد الإيراني على اغتيال قاسم سليماني.

28/12/2020… في خطوة تصعيد جديدة، قالت السلطات الإيرانية إن «الانتقام الصعب» لمقتل قائد «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس» الإيراني، قاسم سليماني، بضربة جوية مطلع الحالي، سيكون «في الزمن المناسب»، ورفعت قائمة «الآمرين والمنفذين» في مقتل سليماني إلى 48 شخصاً، حسبما أعلن حسين أمير عبد اللهيان، مساعد رئيس البرلمان للشؤون الدولية. ولوح عبد اللهيان بـ«الانتقام الصعب في الزمن المناسب وبالطريقة المناسبة….

دأب إعلام محور ايران على وصف القوى المعارضة لنظام الاسد والحوثي في اليمن بالقوى التكفيرية… والمتطرفة والمتشددة، والمتعاملة مع المحور الصهيوني – الاميركي – السعودي…..والان يطرح نصرالله الحوار معها …..كيف وهل من المعقول التفاوض والتفاهم والحوار واعادة الانسجام مع قوى تكفيرية مرتبطة بمشروع يحمل كل هذه الالقاب والمواصفات …؟؟ لذلك لاحظنا ان نصرالله لم يستخدم مطلقاً لغة ومفردات ونعوت كان يطلقها سابقاً على المعارضة السورية… بل وصفها بقوى المعارضة واعتبر ان التفاوض معها للتفاهم مع نظام الاسد لم ينجح….نصرالله غازل حركة الاخوان بالقول ان المملكة العربية السعودية ودولة الامارات تحاربكم لذلك يجب اطلاق حوار مع محور ايران…ولكن بيانات محور ايران تناقض هذا الكلام وتكشف ان محور ايران يتهم حركة الاصلاح اليمنية تتحالف مع دول التحالف العربي…؟؟؟ من نصدق هنا….

(الجزيرة)… وصف مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي القتال الدائر في سوريا بأنه “حرب الإسلام على الكفر”، مشيرا إلى أن ما نعته بباب الشهادة قد فُتح من جديد.

في 24/8/2020، اصدرت عصابة الحوثي البيان التالي…. ظلال الهزائم تخيّم على ميليشيا الإصلاح وتحالف العدوان يحشد العشرات من القاعدة وداعش إلى مارب…. https://www.ansarollah.com/archives/367106 … نص البيان كاملاً… وهنا بعض ما ورد في البيان… (شكلت الهزائم المتتالية التي مُنيت بها داعش والقاعدة في عقر دارها خلال المعارك في الأيام الماضية لصالح القوات المسلحة اليمنية ، نتائج صادمة لحزب الإصلاح ولتحالف العدوان بقيادة السعودية وأمريكا، كما لعناصر التنظيمين الذين يقدر عددهم بالمئات، وينتشرون على طول خطوط القتال للدفاع عن مدينة مأرب.. يوم أمس أكدت القوات المسلحة اليمنية أن عملياتها بمحافظة البيضاء استهدفت أكبر وكر من أوكار العناصر التكفيرية الاستخباراتية التابعة لدول العدوان….).

20/11/2015…عبّر الرئيس روحاني خلال مكالمته الهاتفيه مع الرئيس الفرنسي هولاند، عن استعداد بلاده للتعاون في مكافحة الإرهاب التكفيري في أية نقطة من العالم، مما تلقاه هولاند بالإيجاب، مطالباً بتوحيد الصفوف من أجل مكافحة داعش في سوريا والعراق.

ايران تسعى للعب دور اقليمي برعاية دولية وتمنى ان تكون جزءاً من تحالف دولي مهما كانت تسميته او اهدافه… لذا نكتفي بهذه الامثلة البسيطة للدلالة على ان الدعوة للحوار هي غير جدية وخطوة مرحلية تقودها طهران لتوسيع مروحة تحالفاتها بعد ان شعرت بالعزلة والحصار والاسباب التي ادت الى عزلتها هي التالية..

  • استعداء ايران دول العالم العربي والاسلامي بتدخلاتها وحروبها المذهبية في سوريا والعراق واليمن ولبنان..
  • تاسيس ايران بشعاراتها وراياتها الدينية الانقسام العامودي بين الامة الاسلامية والطائفة الشيعية في العالم العربي والاسلامي
  • الحصار الاميركي الاقتصادي والمالي والسياسي على ايران
  • عدم مصداقية مواقفها او التزامها بالعهود والمواثيق الدولية واخرخا الاتفاق النووي وقرار مجلس الامن بعدم تصدير اسلحة

اهداف الحوار من منظور ايراني:

  • اعادة انتاج مشهد استعراضي واعلامي جديد في العلاقات الاسلامية – الاسلامية انما لا يقوم على اسس ثابتة وراسخة
  • استخدام ورقة الاسلاميين وخاصة حركة حماس والاخوان للتهويل على العالم العربي والغرب مستغلةً الخلافات الحالية
  • الاستفادة من مرحلة استقرار مؤقتة ومرحلية على الساحة العربية والاسلامية
  • التفاوض مع المجتمع الدولي على ترسيخ الاستقرار مقابل فك تحالفاتها الجديدة وضبط اداء ادواتها وردع مؤيديها..
  • تجنب الانخراط في حربٍ مدمرة تدرك ايران انها لن تخرج منها منتصرة ابداً

من هنا يمكن القول ان الدعوة للحوار التي تطلقها ايران وقوى محورها هي حاجة ملحة وضرورة وجودية بالنسبة لقوى المحور وليست قناعة بضرورة تغيير المسار والانطلاق نحو بناء علاقات وازنة واكثر جدية وسلمية لذا المطلوب من ايران لاثبات جديتها ومصداقيتها:

  • حل الميليشيات الطائفية في مختلف الدول التي ترعاها
  • وقف استخدام مفردات وعبارات مذهبية تحريضية
  • عدم التدخل في شؤون الدول الاخرى
  • الالتفات الى معالجة مشاكلها الداخلية
  • اعطاء مساحة اكبر من الحرية للشعب الايراني بمختلف مكوناته العرقية والدينية والسياسية.. وهو الشعب الذي انتفض على نظام الشاه لهذا السبب وقد ينتفض في اية لحظة على نظام ايران الديني…

بناءً على كل هذا يمكن القول ان الدعوة للحوار يجب ان تكون خيار استراتيجي مبني على صدق النوايا وحسن التوجه…وليس خطوة مرحلية تكتيكية لتجنب مواجهة ظروف سياسية او امنية غير عادية….!!

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها