عباس الحلبي

الأثنين ٢٨ أيلول ٢٠٢٠ - 12:06

المصدر: صوت لبنان

الخطاب المذهبي الى تصاعد

تصاعُد الخطاب المذهبي يترافقُ مع تصاعدِ حِدَّة الإحتقان الذي يهدد بالإنفجار الكبير. لا فائدة من إلقاءِ اللوم على جهةٍ معيَّنة ولكن الثابت أنَّ حدّة مواقف الزعماء والقيادات لا بدَّ وأن تنعكس تطرفاً وتعصباً وإنفجاراً في القواعد. وما يجري على وسائل التواصل الإجتماعي يُنبِئ بكارثةٍ بين اللبنانيين. فأينَ هو الخطاب الجامع الذي إنطَلَقَ بعد إنتفاضة 17 تشرين ونحن على عتبةِ الذكرى الأولى.

بكركي شَكَّلَت دوماً مرجعية وطنية لا غُبار عليها في سبيلِ وحدةِ لبنان وعيشه الواحد وحفظ إستقلاله وصَون سيادته وقراره الحر. فإذا اجتهدَ بطريركها وطنياً ويرى في مواقفه الأخيرة مَن يخالِفَه الرأي هذا حقٌ له وللمخالف وعند هذا الحد تنفتح قنواتِ الحوار لا أن ينتقل المتطرفون الساعون إلى الفتنة وغير المقدّرين خطورة فعلتهم إلى لغة التخوين والإقصاء وحتى الإلغاء.

هؤلاء لا يعرفون تاريخ لبنان ولا يعرفون أدبيات المخاطبة.

مِن حق المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أن يعلنَ موقفاً وطنياً وقد تعوَّده هذا المجلس منذ إنشائه. ولكن التباين في الموقف يجب ألاّ يفسد للود قضية.

من موقعي الحواري أناشد المرجعيات الدينية أن تبقى فوق النزاعات السياسية. فالصراعُ السياسي مشروع شرط ألاّ يلامس الثوابت الوطنية. أما المرجعيات الدينية التي تعودت سلوك درب الوطن من وجهات نظر مختلفة يجب في هذه الظروف حيث الصراع على أشدّه أن تنأى بنفسِها عن المساجلة العنيفة. فأيُّ مثالٍ نعطيه للناس إذا إنزلقت المرجعية الدينية إلى المهاترات أو تقويلها ما لَم تقل.

إعادةُ تصويب البوصلة في النقاش هو مِن دواعي حكمة رؤساء الطوائف. فإذا جنّ البلد وسياسيوه فإن رؤساء الطوائف شكَّلوا ماضياً ويشكلون حاضراً صمام الأمان والعقل والحكمة. ما نفع تحقيق المكاسب في بلدٍ يغزوه الفقر كل يوم والجوع كل يوم والمرض والوباء كل يوم حتى ليخال المرء أن جهنم التي يتحدثون عنها هي في ديارنا وإن لَم ننتقل إليها بعد ونحن على وشك.

الحروبُ الأهلية الباردة هي على وسائل التواصل فماذا يمنع إنتقالها إلى أن تصبحَ حامية في ظل تعطّل المؤسسات الدستورية بداعي المطالب المتناقضة وفتح الملفات الكبرى وتعطيل الأمل المتبقي في إنجاحِ المبادرةِ الفرنسية وإستمرار الحكم خارج الدستور.

الله يستر.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها