عباس الحلبي

الأثنين ١٨ أيار ٢٠٢٠ - 13:01

المصدر: صوت لبنان

الدول تشكو من أزمة ولبنان يشكو من أزمات

في أجواء الحياة السياسية التافهة، ومواقف الفجور والسجالات العقيمة، والفشل المتمادي في المعالجات لا بل في غيابها، يشعر اللبنانيون بأنّ أفقهم مسدود وأن الحلول إلى تأجيل، مع الإيحاء بأن الأمل اليوم معقود فقط على المداولات مع صندوق النقد الدولي دون أن تكلف السلطة نفسها إتخاذ أي إجراء يوقف فساد أفرادٍ منها.

برزت مبادرة روحية من “اللجنة العليا للأخوة الإنسانية” برعاية قداسة البابا فرنسيس وسماحة الإمام الأكبر أحمد الطيّب دعت كل الناس في جميع أنحاء العالم للتوجه إلى الله تعالى يوم الخميس في 14 الجاري الفائت بالصلاة والصوم والدعاء كل فرد في مكانه، وعلى حسب دينه أو معتقده أو مذهبه، من أجل أن يرفع الله عن أهلنا وعن الناس جميعا” وباء الكورونا. 

وكان هذا التاريخ موعدا” بالنسبة إلى اللبنانيين مع قرار الإقفال العام الذي قررته الحكومة، لكي تأخذ الدعوة مداها في إلتزام اللبنانيين صلاة ً وصوما ً ودعاء ً أي تأملا ً عميقا ً بمعاني إنتشار هذا الوباء الذي لَم تكشف أسراره لتاريخه ولم تعرف بعد سبل معالجته أو الوقاية منه، بالرغم من تقدّم العلوم والإكتشافات ووفرة مراكز الأبحاث فلا يزال البحث جاريا ً والحل عصيا ً.

وإذا كانت النتائج الصحية كارثية في عدد الوفيات والإصابات، فإن التداعيات الإقتصادية والإجتماعية والمعيشية تنذر بتفاقم المشكلات بحيث تعجز دول وأمبراطوريات على معالجتها. فكيف بالشعب الللبناني المبتلى بسلطة تعجز عن حل مشاكل أبسط كمشكلة النفايات والكهرباء أو وقف التعدي على نهر الليطاني أو تعيين مباشر في محكمة أوكاتب في الدولة أو دركي في قوى الأمن إذا لم يتحقق الوفاق الوطني على قاعدة المحاصصة السياسية والطائفية والمذهبية.

الدول تشكو من أزمة ولبنان يشكو من أزمات، والكورونا خدمت السلطة بإرجاء الإنفجار بوجهها تعبيرا” عن رفض الناس لها، ولكن هذه المبادرة الروحية تجمع لا شك اللبنانيين على قاعدة وحدتهم الوطنية وتضامنهم الإنساني وليس أدل على ذلك من مروحة المؤسسات والجهات التي تبنَّت هذه المبادرة محليا” بحيث جمعت الطيف اللبناني بجميع تلاوينه، ونحن معنيون فيها عبر العديد منها لا سيما الفريق العربي للحوار الإسلامي-المسيحي ومنتدى الثقافة والتنمية للحوار اللذين عبّرا في بيان مشترك على دعوة الأعضاء والأصدقاء للإلتزام بمعاني هذا النداء الذي يضفي على حياتنا الرتيبة أملا ً أن يرفع الله تعالى عنا الأوبئة جميعها، لا سيما وباء بعض السياسيين الذين حولوا إحدى أجمل بقاع الأرض من تحفة حضارية إلى مزبلة تليق بهم وحدهم وليس بعموم اللبنانيين. وفي محراب الصلاة والتأمل نستذكر رجلا ً كان في حياته الدينية قدوة وفي الحياة الوطنية أمثولة، هو البطريرك مار نصرالله بطرس صفير في ذكرى رحيله الأولى: انه من زمن العمالقة الذين أكسبوا لبنان مجدا ً يحاول تحطيمه الأقزام.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها