play icon pause icon
جورج يزبك (رئاسيات)

جورج يزبك

الجمعة ٢٦ أيار ٢٠٢٣ - 10:02

المصدر: صوت لبنان

الرئيس الشجاع والمتألم

أبلغ وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد الرئيس أمين الجميّل بقرار البيت الأبيض سحب قوات المارينز من لبنان بعد بضع قذائف أطلقتها سفينة “نيوجرسي” الراسية قبالة الشاطئ اللبناني، وكانت هذه قذائف متأخرة وعقيمة أخطأت الأهداف المعادية، بل أعطت مفعولاً عكسياً بتأجيج الأعمال الحربية. وجاء في مذكرات رامسفيلد أن الرئيس الجميّل لم يكن مقتنعاً بتطمينات الإدارة الأميركية والتزامها تجاه لبنان. لم يكن واثقاً بأن الولايات المتحدة ستنفذ وعدها، بل كان يخشى أن يضطر الى الاختيار بين السيء والأسوأ: إما تسوية مع سوريا أو تسوية مع إسرائيل. ويقول رامسفيلد: كانت اللحظة الأكثر ايلاماً في حياتي لحظة قصدت قصر بعبدا لأسلم الرئيس الجميّل كتاباً من الرئيس ريغان بسحب القوات الأميركية من لبنان. قصر بعبدا كان قد تلقى نصيبه من القذائف صبيحة اليوم الذي قصدته واضطررت أن أتفادى بركة دم كبيرة خلّفها عنصر من الحرس الرئاسي سقط ضحية القصف الذي تعرض له القصر. ويتابع رامسفيلد في مذكراته الصادرة بعنوان: المعلوم والمجهول Known and Unknown ذكّرني ذلك للحظة بالشجاعة الشخصية التي يتحلى بها الرئيس أمين الجميّل الذي رفض مغادرة بيروت. كان واضحاً لي ان القائد اللبناني لم يكن على وشك الفرار من المعركة. قال لي: لست مستعداً للتهرب من مسؤولياتي ومهمتي الآن انقاذ بلدي. لم يكن في وسعي طمأنته لأن التحرر من الالتزام الأميركي كان نهائياً. ليختم رامسفيلد: لما كنت أسلّم أمره الى القدر، شعرت بما كان يشعر به الرئيس الجميّل: أميركا نكثت بتعهداتها. خلت أنها قد تكون المرة الأخيرة التي التقي فيها الرئيس أمين الجميّل الشجاع لكن المتألم.
كلام رامسفيلد يذكر بكلام هنري كيسنجر: اذا كانت العداوة مع الولايات المتحدة خطرة، فالتحالف معها مشؤوم.
“it may be dangerous to be America’s enemy, but to be America’s friend is fatal.”
أو قوله الآخر: لدينا ميل الى التكلم بقوة والتصرف بضعف.
يتبع الاثنين، البيئة غير الصديقة

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها