وليد حسين

الجمعة ٢٨ تموز ٢٠٢٣ - 16:10

المصدر: المدن

العام الدراسي المقبل بقبضة المانحين: المال مقابل “دمج الطلاب”

لن تغير الدول المانحة موقفها بما يتعلق بتأمين مقومات انطلاق العام الدراسي المقبل: رواتب الأساتذة والموظفين من مسؤولية الدولة اللبنانية التي عليها ممارسة سيادتها. والرواتب من ضمن الأمور السيادية. في المقابل، لم تقفل الدولة المانحة الأبواب نهائياً بما يتعلق بدعم وزارة التربية، لتأمين بدلات الإنتاجية للأساتذة. بمعنى آخر، لا أمل للأساتذة بتحسين شروط عيشهم في ظل إفلاس الدولة الحالي. فرواتبهم من مسؤولية الحكومة. أما وزارة التربية فقد تتمكن من تأمين بدلات إنتاجية بالدولار بشكل منتظم، بخلاف العام الدراسي الفائت، في حال وافقت الدول المانحة على تمويل مطالب وزير التربية عباس الحلبي.

تعليم طلاب بعد الظهر
إلى الساعة لم توافق الدول المانحة على تمويل وزارة التربية لدفع بدلات إنتاجية للأساتذة، رغم أن الأبواب غير موصودة تقول مصادر مطلعة لـ”المدن”. فقد اجتمع وزير التربية عباس الحلبي مع ممثلين عن الدول المانحة وعقد اجتماعات مع البنك الدولي ومع منظمة اليونيسف. لكن مواقف المانحين ما زالت كما كانت سابقاً: الأساتذة مسؤولية الدولة اللبنانية. وبما يتعلق ببدلات الإنتاجية، فالأمور بحاجة إلى تحديدها وضبطها، تقول المصادر.
في المقابل، تعهدت الدول المانحة باستمرار تمويل تعليم طلاب بعد الظهر، أي الطلاب السوريين. وحيال تشدد الدول المانحة في تمويل وزارة التربية لدفع بدلات للأساتذة، بدأت تتصاعد التسريبات بأن الدول المانحة تريد دمج الطلاب السوريين مع اللبنانيين لتمويل وزارة التربية.
قضية الدمج ليست جديدة. ففي كل مرة ترفض الدول المانحة إعطاء وزارة التربية شيكاً على بياض بمطالبها، تفتح قضية دمج الطلاب. والهدف هو ابتزاز المانحين ليس أكثر. لكن العارفين بآلية عمل الدول المانحة يؤكدون أن القيمين عليها يديرون الأذن الطرشاء لهذه التسريبات. جل ما تهتم به الدول المانحة هو قضايا الفساد. غير ذلك لا ينصتون أو ينصاعون لتنفيذ المطالب. أما الانتقادات التي توجه إليهم حول ملفات الفساد في المشاريع المنفذة فتشغل بالهم، كما تؤكد مصادر مطلعة على آلية التمويل الدولي.

الشائعات الحالية طالت الحديث عن ارتفاع نسبة الطلاب السوريين إلى خمسين بالمئة من الطلاب في لبنان. وهذا الأمر تنفيه مصادر مطلعة في دائرة الإحصاء المركزي. ففي آخر إحصاء وضع في العام 2019 كانت نسبة الطلاب السوريين 20 بالمئة من طلاب لبنان. أما الولادات التي حصلت بين النازحين بعد الإحصاء فلم يدخلوا إلى المدارس بعد. ولا أرقام رسمية حول الولادات في هذه الفترة. وبالتالي، كل حديث عن ارتفاع نسبة الطلاب السوريين إلى خمسين بالمئة مجرد كلام، تقول المصادر.

تعثر الدولة لا المدارس
في العام الدراسي الفائت صنفت وزارة التربية المدارس التي لا يوجد فيها طلاب في فترة بعد الظهر بأنها مدارس متعثّرة. هذا رغم أن الأموال التي تتلقاها المدارس من الدولة اللبنانية لا تكفي لتغطية بعض المصاريف التشغيلية. فما تتلقاه المدرسة من الدولة يوازي 150 ألف ليرة عن كل طالب مسجل، وعلى مدير المدرسة دفع مصاريف المدرسة منها، والتعاقد مع الأساتذة الجدد على حساب صندوق المدرسة. ويصبح مدير المدرسة بحاجة للاقتراض من مدارس أخرى لتسيير الأمور اليومية. بمعنى آخر الدولة متعثرة وغير قادرة على تأمين متطلبات تشغيل المدرسة. ولذا، قامت بتصنيف المدارس أنها متعثرة.
أما في المدارس التي تعلم في فترة بعد الظهر فكانت الأمور تسير بشكل أفضل. فالمدرسة تتلقى من الدول المانحة 140 دولاراً عن كل طالب سوري. وكانت النتيجة أن ميزانية المدارس (معدل وسطي للطلاب 300 طالب) التي لا يوجد فيها سوريون، لم تتجاوز خمسين مليون ليرة، أما المدارس التي تعلم السوريين فكانت ميزانيتها تفوق الـ150 ألف دولار. وفيما لم تتمكن المدارس المتعثرة من دفع بدلات الأساتذة المتعاقدين على حساب صندوق الأهل حتى اليوم، دفعت المدارس الأخرى أجور الأساتذة في فترة قبل الضهر، من أموال طلاب بعد الظهر.

لا شك أن هذا التمييز الذي تقوم به الدول المانحة بين الطلاب اللبنانيين والسوريين (تدفع الدول المانحة مبلغ 18 دولاراً عن كل طالب لبناني في التعليم الأساسي لصندوق الأهل) يعزز النزعة العنصرية تجاه السوريين. لكن الدول المانحة لم تصل بعد لتصنيف الطلاب اللبنانيين كلاجئين في المدارس الرسمية، أسوة بما تريده وزارة التربية. فالأخيرة عاجزة عن افتتاح العام الدراسي في ظل الظروف الحالية. هذا على المستوى اللوجستي. أما بما يتعلق بمطالب المعلمين فالأمور ستتعقد أكثر لاحقاً. فأزمة القطاع الرسمي كما تجلت العام الدراسي السابق كانت مرتبطة بإضراب الأساتذة. وجل ما قدمته وزارة التربية بدلات إنتاجية بـ125 دولاراً دفعت عن شهري آذار ونيسان فقط. ولا تأمل بأكثر من تمويل الدول المانحة بدلات الإنتاجية في العام المقبل لتسعة أشهر.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها