عمر عليمات

الأربعاء ١٧ شباط ٢٠٢١ - 15:04

المصدر: الرؤية

العقليّات…ومشكلة لبنان

يقول ألبرت أينشتاين: «لا نستطيع حل المشاكل المستعصية بنفس العقلية التي أوجدتها، فالجنون هو أن تفعل نفس الشيء مرة بعد أخرى، وتتوقع نتائج مختلفة»، فالمشكلة أحياناً لا تكون هي المعضلة بحد ذاتها، بل العقليات التي تعمل على إيجاد الحلول لها.

ما يحدث اليوم في لبنان ينطبق عليه إلى حد كبير رأي أينشتاين، فالسياسيون الذين من المفترض بهم صيانة سيادة الدولة، وتشكيل حكومة قادرة على إيجاد الحلول للمشاكل التي يعانيها لبنان، هم أنفسهم من أوصل الأمور إلى هذا الحد من التعقيد، لأن العقلية التي تحكم الأمور هي عقلية الثلث المعطل والتحكم بقرار الحكومة، وهذه العقلية أساسها المصالح الحزبية والطائفية وهدفها ضمان إدامة هذه المصالح، بغض النظر عن انعكاسات ذلك على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وقبل ذلك تأثيره في كيان الدولة ككل.

نحو أربعة أشهر مرت على تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة اللبنانية، ولا تزال المشاورات تراوح مكانها، وكأن لبنان محكوم عليه أن يبقى في فراغ سلطة، إذ مع تشكيل أي حكومة يبقى البلد معلقاً بين هذا الطرف وذاك، وما أن تتفق الأطراف حتى تبدأ الألغام التي زُرعت في التشكيل بهدم أركان الحكومة الواحد تلو الآخر إلى أن تسقط مرة ثانية، وهذا الأمر لا تنفرد به الحكومة فقط، بل إن تجربة فراغ سدة الرئاسة لثلاث سنوات ليست ببعيد عنا.

عقلية صراع السلطة والتحكم بمقاليد الأمور، هي التي حكمت لبنان منذ سنوات طويلة، فالرئيس يريد ثلثاً معطلاً، وحزب الله وحلفاؤه يريدون ذات الأمر، ورئيس الوزراء المكلف بين طرفي المعادلة يبحث عن تشكيل يمكّنه من النجاح، وضمن هذه المعادلة يقف اللبنانيون فعلاً أمام ثلاث حكومات يتم لصقها ببعض، للخروج بتشكيلة يطلق عليها حكومة لبنان.

منطق الأمور عند تشكيل الحكومات في مختلف دول العالم يقوم على مدى مساهمة الوزير في إنجاح الحكومة، وإيجاد حلول للقضايا الملحة، خاصة ما يؤثر منها في حياة الناس، وحين يكون هذا المنطق هو السائد من الطبيعي أن تتشكل الحكومة ضمن المُهَل الدستورية المحددة، ولكن عندما تكون الحكومة ليست أكثر من أداة من أدوات الصراع على السلطة، يصبح من الطبيعي أن يغرق الشعب في مشاكله ويبقى السياسيون في حروبهم «الدون كيشوتية».

باختصار، لبنان سيبقى ضمن دائرة «التشكيل والإسقاط» إلى أن يتخلص من العقليات التي أوجدت المشكلة الأساسية، وهي مشكلة المحاصصة والثلث المعطل.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها