play icon pause icon
جورج يزبك

جورج يزبك

الثلاثاء ٢٢ آب ٢٠٢٣ - 10:04

المصدر: صوت لبنان

الفلاش ميموري

يحكى أنه عند وفاة أحد كبار اللصوص في العصر العباسي ويدعى أدهم بن عسقلة، فتحت وصيته لأتباعه اللصوص وجاء فيها: لا تسرقوا امرأة ، رياض سلامة سرق الامرأة وبنتها، سرق الكبير والصغير، سرق المولود ومن لم يولد بعد . ولا تسرقوا جاراً، رياض سلامة سرق القريب والبعيد. واذا سرقتم بيتاً اسرقوا نصفه واتركوا النصف الآخر ليعتاش عليه أهله. رياض سلامة سرق البيت كله. ويحتمي اليوم بالفلاش ميموري الذي يسمي بالاسم المستفيدين من خدماته، سياسيين وقضاة وعسكريين ومصرفيين واعلاميين ورجال دين. هل صار رياض سلامة في قبرص ومنها الى بلد ثالث بترتيبات سياسية أمنّت خروجه مقابل قبول لبنان باستقبال مهاجرين سوريين ضبطوا في قبرص؟
كان رياض سلامة يتذرع بعدم تبليغه أصولاً، مسمسراً لنفسه عذراً لعدم المثول أمام القاضية الفرنسية المتشددة Aude Buresi. كان يعرف أنها ستأمر بتوقيفه لادراكه ما اقترف عقله وما جنت يداه. وكان يمثل بملء ثقة أمام قاضي التحقيق في بيروت. كان يعرف أنه سيحظى بكل وسائل الراحة. تخصيص المصاعد له، وصوله وخروجه بعيداً من العيون. كان يعرف أنه ذاهب الى دارة أمه لا الى بيت خالته. فجأة اختفى رياض سلامة. تعذر ويتعذر تبليغه فقط لأن القاضية المتشددة هيلانه إسكندر استأنفت قرار قاضي التحقيق أمام الهيئة الاتهامية، فاستشعر بالخطر. التواري في قانون الجزاء احدى القرائن التي يستند اليها قضاء التحقيق أو قضاء الحكم للظن أو للاتهام أو للادانة. رياض سلامة لم يكن شحاداً عادياً اضطرته الحاجة الى مدّ يده الى بيت المال، كان سارقاً موصوفاً مدّ يده لا توسلاً، بل مدّها غسلاً لأموال ونسلاً لها بين أقربائه وزوجاته وحبيباته والأبناء والأحفاد.
لم يمدّها تسولاً بل مدّها تطاولاً على المال العام والخاص، وتجوالاً في حسابات المودعين، وتداولاً في الاحتياطي، وتغولاً لا يشبع، ومقاولاً لا يرحم، ومجدولاً أرباحه على مدى ثلاثين عاماً. مدّ يده سارقاً لجيبه ولجيوب مشغّليه الى أن أصبح هو الشغل الشاغل لهؤلاء، مشغولي البال اذا أصابه مكروه قضائي.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها