فرح منصور

السبت ١ تموز ٢٠٢٣ - 17:22

المصدر: المدن

القضاء الفرنسي يتهم الحويك بتبييض الأموال وتشكيل عصابة أشرار

استمعت القاضية الفرنسية أود بوروسي  يوم أمس، الجمعة 30 حزيران،  إلى ماريان الحويك، مساعدة رياض سلامة، في جلسة طويلة في المحكمة الفرنسية، قبل أن تصدر بحقها تهمتا تشكيل عصابة أشرار، وتبييض الأموال في إطار عصابة منظمة.

تشبّه بخير الدين
في الواقع، حسمت الحويك قرارها خلال الأسابيع الماضية، لناحية حضور جلسة الاستجواب والمثول أمام القضاء الفرنسي، عوضاً عن التهرب من هذه الجلسة، وذلك تجنباً لإصدار مذكرة توقيف دولية بحقها، تماماً كما فعلت سابقاً بوروسي بحاكم مصرف لبنان، رياض سلامة حين تغيب عن جلسته الفرنسية.

ووفقاً لكلام وكيلها القانوني اللبناني جاك شكرالله في حديثه لـ”المدن” فقد أفاد أن موكلته “موجودة في فرنسا لحضور جلسة استجوابها، ولن تبقى هناك، بل ستعود إلى بيروت بين يومي السبت أو الأحد”.

ووفقاً لمصادر قضائية متابعة فإن الحويك تعمقت كثيراً في النتائج المحتملة قبل اتخاذ قرارها هذا، كما أنها ترددت سابقاً قبل مثولها أمام القضاء الأوروبي في بيروت.

ويمكن الاستنتاج أن خيار الحويك ناتج عن محاولتها بأن يكون مسار التحقيق معها في فرنسا شبيهاً بمسار المصرفي مروان خيرالدين، الذي أظهر تعاونه مع القضاء الفرنسي مقابل عدم توقيفه والتعرض له.

حينها، تعهد خيرالدين بتزويد القضاء الفرنسي بكامل التفاصيل المطلوبة منه، وبالمثول بشكل شهري أمامه أو متى تم استدعاؤه.

وبدورها فرضت عليه بوروسي بعض القيود، إذ مُنع من التواصل مع أي فرد من أفراد سلامة. كما أنه ممنوع من الذهاب إلى بنك الموارد ريثما تنتهي جميع التحقيقات الفرنسية.

هذا “الاتفاق” الذي حاول خيرالدين عقده مع القضاء الفرنسي مقابل أن يحصل على حريته، حقق فيه مسعاه. فعاد إلى لبنان من دون أن يتم توقيفه مرة أخرى ومن دون أن يصدر بحقه أي مذكرات توقيف دولية. وهذا ما أرادته الحويك تماماً، أن تذهب إلى أقصى حد من التعاون مع القضاء الفرنسي مقابل عودتها إلى بيروت.

باختصار، وبعد انتهاء جلسة استجواب الحويك، أمطرت تهم الفساد عليها، إذ وجهت بوروسي للحويك تهمتي تشكيل عصابة أشرار إجرامية، وتبييض الأموال في إطار عصابة منظمة. مما أدى إلى وضع الحويك تحت مراقبة قضائية ومنعها من التواصل مع مصرف لبنان المركزي أو متابعة عملها فيه، كما وألزمت بدفع ضمان مالي بقيمة 1.5 مليون يورو.

ومعنى هذا، أن الحويك مجبورة على الإلتزام بهذه القيود وملزمة بحضور أي جلسة استجواب جديدة تحددها بوروسي في فرنسا. والسؤال الذي سيطرح: هل فعلاً ستلتزم الحويك بهذه القيود؟ وهل ستتوقف عن العمل داخل المصرف المركزي؟

هذه التهم، ستكون كفيلة بإدانة الحويك التي رددت مراراً بأن ثروتها ناتجة من تعبها وأنها ورثت المال من والدها الثري، في حين كانت الشكوك التي تجول في ذهن القضاء الأوروبي أن هذه الأموال ناتجة عن الفساد المالي وتبييض الاموال، فهي شريكة سلامة وأموالها قد تكون من الحاكم. وأيضاً، فإن الحويك كانت ولا تزال اليد اليمنى للحاكم، إذ شغلت منصباً بارزاً في المصرف المركزي، وتمتعت بصلاحيات واسعة، وهي من أسست منصة صيرفة.

وكما كان متوقعاً، نفت الحويك كل التهم المنسوبة إليها، وأكد وكيلها القانوني أنها جاهزة لتقديم كافة المستندات التي تثبت أنها إبنة رجل ثري، وأن أموالها ناتجة عن هبة من والدها، ومن تعبها ومن عملها، ولم تنتج عن أعمال فساد مالي.

ملاحقات جديدة
على أي حال، صار واضحاً أن ما من أحد سيوافق على التضحية برأسه مقابل سلامة، خصوصاً مع اقتراب انتهاء ولايته. والأسابيع المقبلة ستكون حافلة بالإجراءات الفرنسية التي سيعلن عنها بحق سلامة ورفاقه، والمؤكد منه حتى  الساعة، أن المقايضة ستكون سيدة المرحلة المقبلة: تقديم المعلومات مقابل الحصول على الحرية.

هذا وقد علمت “المدن” أن قضية سلامة لم تعد محصورة بمجموعة من الأصدقاء الذين ساعدوه وعاونوه خلال العقود الماضية لتمرير الأموال من جهة إلى أخرى ولتبييضها، بل أن توسع التحقيقات الأوروبية أفضى إلى حقائق سيعلن عنها لاحقاً، طالت شخصيات سياسية بارزة وأسماء مصرفيين.

ووفقاً لمعلومات “المدن” رُفعت بعض الدعاوى القضائية في فرنسا والتي طالت شخصيات لبنانية بارزة. وهذه الدعاوى أدت إلى التدقيق في حسابات بعض السياسيين في الخارج. ومن المتوقع خلال الأسابيع المقبلة أن يعلن القضاء الفرنسي عن تحديده لجلسة استجواب جديدة تطال شخصية سياسية بارزة ومصرفي، أو أن تتم ملاحقتهما إن ثبتت التهم عليهما، إذ يشتبه بأن أموالهما الموزعة في أوروبا ناتجة عن عمليات تبييض أموال وقضايا فساد مالي.

باختصار، ستنفجر المفاجآت قريباً وربما قد تتزامن مع انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، في نهاية شهر تموز الجاري.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها