المصدر: صوت لبنان
الله ما قالها
سبحان الله، يميل الطبع لا التطبع، العقل لا التعقل، الى التفتيش عن ثغرة، عن إشارة، عن ظرف، عن طرف خيط يوصل الى الاستنتاج بأن ما حصل في حادثة الهليكوبتر الرئاسية ليس عملاً من أعمال الطبيعة، بل عمل تخريبي. وكأن العاصفة والطقس العاطل وسوء الرؤية والجبل المحجوب بالضباب ليست عوامل مقنعة بأن الحادث قضاء وقدر.
نحن نعيش في دول ثقافتها منذ الولادة نظرية المؤامرة. سوريا جلدت كل لبناني بهذه النظرية طوال فترة حكمها. كل شخص أو جمعية أو حزب غير مرغوب فيه سياسياً، تُنزل به تهمة المؤامرة وأبرز عناوينها إن لم يكن الوحيد، اسرائيل. حتى المطران اتهم بالعمالة في الثقافة الموروثة. حتى ملكات الجمال ووصيفاتها، وملوك الجمال والرياضيون متهمات ومتهمون بالعمالة بمجرد صورة أو سيلفي أو عشاء أو ما شابه. عدت بالذاكرة الى زمن Larousse ، كانت تصادر أعداده على الجمارك أو الأمن العام وتفتح الصفحة الأولى منه، ويشطب بالأسود القاتم علم اسرائيل، كي يسأل عنه من لا يعيره انتباهاً لو بقي علماً عادياً في صفحة أعلام الدول. هذه أحد أسباب الهزائم العربية، وقد خرجت منها هي وبقي لبنان أسيرها مرغماً. قبلنا بالعداء، قبلنا بالمقاطعة، قبلنا بالحرب من حزب على دولة لا من دولة ضد دولة، لكن أن تنزل بكل مخالف تهمة العمالة، فألله ما قالا.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها