play icon pause icon
عباس الحلبي

عباس الحلبي

الأثنين ٢١ كانون الأول ٢٠٢٠ - 12:46

المصدر: صوت لبنان

الله يستر!

ما هذه العاصفة التي هبَّت عندما قرَّرَ المحقق العدلي إستدعاء بعض الوزراء ورئيس الحكومة إلى التحقيق وقد كان للأمس القريب موضع مطالبات من هنا وهناك لعدم الإكتفاء بالموظفين والضباط الصغار الذين هم قيد التوقيف.

أثيرَت بهذه المناسبة سجالات حول الصلاحية منهم مَن يقول أن المحقق العدلي لَم يراعِ النصوص التي تلزمه إستئذان المجلس النيابي لِرَفعِ الحصانة عن النواب وأن رئيس الحكومة لا يُسأَل إلاّ من قِبل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

ومنهم من يقول أن الجريمة المدوية التي نتجت عن إنفجارِ المرفأ تعطي هذه الصلاحية إلى المحقق العدلي لأنها تدخل ضمن الجرائم العادية بالمعنى القانوني وبالتالي من صلاحية القضاء العدلي.

بالوقت المُتاح لكلامي على مسؤوليتي لا مجال لعرض الأسناد القانونية لكلي الرأيين إذ يحتاج الأمر إلى شروحات لا مجال لها ولكن الأمر الذي يجب التوقف عنده هو مقدار الدجل في الحياة السياسية الضحلة التي بلغها بلدنا. 

فمن جهة تتعالى الأصوات بأن الأمور لا تستقيم إلا بالقضاء والقضاء دوماً مطالب بالقيام بواجبه ومن جهة ثانية وبِغَض النظر عن صوابية موقف المحقق العدلي ما هكذا تقابَل الملاحقات. فوزير الداخلية يعلن عن العصيان على تنفيذ الأوامر ورئيس الحكومة الذي لَم يرحب به ولا بتمثيله أرباب الطائفة التي ينتمي إليها وبالرغم من المآسي التي أنتجها للبلد نتيجة قصور المعرفة والرؤية والتدبير يلجأ إلى طائفته لحماية نفسه من المساءلة كما لو أنه مدان سلفاً ثم أن القضاء لا يجوز أن يصبح وسيلة تنظّف بها بعض القوى السياسية أدرانها وأوساخها في ملاحقاتٍ كيدية منحازة بِما يؤدي إلى إنهياره كما إنهارَت قبله سائر مؤسسات الدولة والقطاعات الإنتاجية والإقتصادية والمالية والأدهى هو التطوّر الذي رفع يد المحقق العدلي مرحلياً بتقديم طلب تنحيته للإرتياب المشروع وكذلك سعي المجلس النيابي وضع يده على الملف. فعلى ايّ مشهد كان سيطل الرئيس الفرنسي العازم على إتمامِ الزيارة لولا الكورونا خصوصاً وأن الأصوات في فرنسا تتعالى لكي ينأى بنفسه وبلده عن المستنقع القذر الذي أقحم فيه. وأفظع بشرى هي التي  أتى بها وزير خارجيته عن “غرق التايتانيك بلا اوركسترا” وكأنه يقول انها موسيقى لحن الموت والدمار والخوف من الآتي.

الله يستر!

وعند عشية الميلاد وإن خيّم الحزن على بلدنا المنكوب والمتروك إلاّ أنَّ الأمل الواعد بولادة جديدة مستوحاة من ميلاد السيد لا بدّ أن تشيح عن صدورنا الغمّ والهمّ والهوان.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها