play icon pause icon
منى فياض

منى فياض

الأثنين ١١ آذار ٢٠٢٤ - 08:42

المصدر: صوت لبنان

المقاومات التي لا تدافع الا عن مصلحتها

لا شك أن إسرائيل دولة احتلال عدوانية خارجة عن الشرعية وعن جميع القوانين الإنسانية والدولية. وان استمرار حرب الابادة الانتقامية الثأرية على غزة وتجويعها يحصل بتواطؤ أميركي ودولي. هذه مسلمات لا جدال فيها.
لكن ذلك لا يمنعنا من طرح الأسئلة، عن معنى “المقاومة” ووظيفتها وعن الحروب التي تطلقها. من حماس في غزة الى حزب الله في لبنان، ظناً انهما يتحكمان بمآلاتها؛ دون أي اهتمام بمصائر البشر الذين يقاومون باسمهم.
يمارس الإسرائيليون النقد العلني لقياداتهم ولجيشهم ويتظاهرون وينقسمون ويطالبون باسقاط نتنياهو. ولو انهم بغالبيتهم مع الحرب المستمرة على غزة ومع فتح جبهة لبنان. ونعرف عن اعداد القتلى وعن جميع أنواع تكاليف الحرب. كما نسمع أصوات أقلية تعارض الحرب وتطالب بوقفها دون ان تخوّن.
في المقابل، أي مساءلة لحماس والحزب تعد من المحرمات. وليس علينا ان نسأل عن رهانات حماس الخاطئة ولا عن مغزى استمرارها بحرب تحصد أرواح عشرات آلاف الفلسطينيين وتهدد أكثر من مليوني منهم بالموت جوعاً أو قتلاً، من أجل استعادة الوضع الى ما كان عليه قبل 7 أكتوبر، فمطالبها: وقف الحرب، الانسحاب من قطاع غزة، عودة النازحين، وإدخال المساعدات.

ويجب ان لا نسأل في لبنان عن الضحايا، ولا عن آلاف المنازل المهدمة اوعن الجنوبيين المشردين وقد قطعت أرزاقهم. والأدهى ان هناك من يخبرنا، أن ما يهم حزب الله أولاً وحدة ومصلحة الشيعة!! فإذا كان هذا فهمه لمصلحة الشيعة فلا داعي لأن نسأل عن مصلحة لبنان واللبنانيين أصلاً.
المطلوب من ساحاتنا الصمت والاصطفاف خلف المحاربين والنطق بلسان واحد. وإلا انت خائن وعميل.
أعادت إسرائيل احتلال غزة وفي نيتها البقاء. ووجدتها فرصة لتتخلص من وجود الفلسطينيين. واستغلت فتح جبهة لبنان، لاستباحته على غرار سوريا.
فلقد أصيب الوعي الإسرائيلي في 7 أكتوبر بضربة قاتلة أججت الخوف اليهودي وعِقًد النبذ والاضطهاد الأثرية. فأصيبوا بالجنون.
هدف حماس إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. كانوا 5 آلاف تقريباً. النتيجة انهم أصبحوا الآن 14 ألفاً وأكثر. فإسرائيل المحتلة، يمكنها ان تطلق السجناء بيد، وتعتقل سواهم باليد الأخرى.
تقاوم حماس بضراوة من أنفاقها، لكنها تتمهل بالتفاوض. تتعرقل المباحثات لرفض تقديم تفاصيل عن المحتجزين لديها قبل وقف شامل لإطلاق النار في غزة!! وفي الاثناء لا يتوقف عداد القتل والتجويع.
بالمقابل خريطة الطريق الموضوعة لإدخال المساعدات وإعادة الاعمار: تحييد حماس ونزع سلاحها، وحكومة توافقية إصلاحية مع خارطة طريق سياسية لحل الدولتين.
لا نعرف مواقف او مطالب موحدة لقيادات حماس ولا أي هدف سياسي. مهمتهم الرد على طلبات نتنياهو المتبدلة، والصمود دون أي تنازل لحفظ حياة وكرامة الملايين الذين يقاومون باسمهم.
هناك من يرى ان حماس منتصرة، على غرار انتصارات حزب الله؛ ولها الحق بحكم غزة، طالما بقيت قيادة وبندقية.
في لبنان، وبعد ان كان هوكشتاين يتساءل هل سيلتزم الحزب بالهدنة على غزة، انقلب الوضع وصار يعلن مسبقا عن التزامه بالهدنة على غزة. لكن إسرائيل ترفض الالتزام بها، ولا ترغب بهدنة في غزة.
ورغم ان إسرائيل تقتل وتدمّر بشكل منهجي قرى الجنوب وتفرغها، ووصلت قلب الضاحية وبعلبك والغازية وغيرها، يصرّ الحزب على سريان مفعول معادلات الردع، بانتظار ما يسميه الشيخ نعيم قاسم ان “ترتكب إسرائيل أي حماقة”، ومحمد رعد “الخطيئة الكبرى”؟!
كل هذا ليس حماقات.
لكن الحماقة الكبرى بالفعل هي انتظار الحرب دون الاستعداد لها بدولة ذات رأس على الأقل. انها وصفة للقضاء النهائي على لبنان.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها