play icon pause icon
منى فياض

منى فياض

الأثنين ١٥ كانون الثاني ٢٠٢٤ - 08:53

المصدر: صوت لبنان

الهجوم السيبراني على المطار والحرب النفسية والانقسام الطائفي

ما لفت نظري في حادثة القرصنة السيبرانية وتعطيل أجهزة المطار الأسبوع الماضي، سهولة الوقوع في فخ الفتنة الطائفية وسرعة اندلاع حرب الهويات المتصارعة. بدا الأمر وكأننا في بلد توتاليتاري واستبدادي، بحيث لم تجد مثل هذه الرسائل السياسية لحزب الله فرصتها للظهور في وسائل الاعلام المحلية، إلا عبر القرصنة السيبرانية المذكورة لنشرها. على غرار ما يحدث مثلاً في بلدان كإيران.
بينما تلك الرسائل ليست سوى وجهات نظر معلنة، لفئات وازنة، نسمعها ونقرأها في الاعلام.
وإن دلّ هذا شيء، فعلى فقدان المناعة الوطنية وسهولة الوقوع في فخ الحرب النفسية التي تقودها إسرائيل ضد لبنان.
فالحرب النفسية هي معركة تقودها الدولة بأسلحة نفسية كي تحسّن ميزاتها في نظر العالم ولكي تضعف تلك التي للعدو. كما انها تهدف الى حفظ وزيادة قواها الدفاعية في الوقت الذي تضعف القدرة والارادة على المقاومة لدى البلد العدو.
وما جرى الأسبوع الماضي من اختراق سيبراني للمطار، يظهر كم أن الحرب النفسية ضد اللبنانيين هينة على إسرائيل. فمن أولويات تلك الحرب: إجبار البلد العدو على الفتور وإفقاده القدرة على اتخاذ القرارات. وهو ما نعاني منه دون مساعدة، الأمر الذي يسهّل مهمة إسرائيل في تطبيق مفهوم الطابور الخامس، او ما يعرف بالعملاء: سيكون لنا اصدقاء نعمل على كسبهم ليساعدونا في قلب البلدان العدوة.

ان ارباك المشاعر والنزاعات الاخلاقية او المعنوية هي من أهم أسلحة الحرب النفسية. ومن أسلحتها ايضاً: السباق على التقدم التقني والتراجع على المستوى الاخلاقي. وهذا بالضبط ما هي عليه إسرائيل.
دون ان ننسى ان إسرائيل تصدر أجهزة وبرامج التجسس والمراقبة الذكية. وهذا ما يعزز كون الاختراق من فعل هذا العدو.
فماذا قالت الرواية؟
شهد مطار بيروت خرقاً مفاجئاً لأنظمة عرض المعلومات، إذ تم البثّ عبر الشاشات رسائل موجّهة لحزب الله، تُطالبه بتحرير لبنان من قبضته وبعدم إدخاله في الحرب الدائرة في المنطقة. وتضاربت المعلومات حول اختراق خارجي قام به العدو الإسرائيلي، أو عمل داخلي، لا علاقة للقرصنة به.
ومن ثم اشتعلت الاشاعات، وبث الفرضيات المختلفة باختلاف مصدرها. بعضها اكتفى بجعل الموضوع تهريبة داخلية لمواد او اشخاص، وكأن الرقابة سبق ان منعت أي منها؛ وبعضها سمّى جهات لبنانية( كجند الرب) بغرض توتير العلاقات الداخلية للانجرار الى ردود فعل طائفية.
اغتنم البعض المناسبة للمطالبة بإنشاء مطارات بديلة، ومع انه أمر ضروري، لكنه لن يمنع مثل هذا الاختراق. فلقد أجمع الخبراء ان ما حصل هو نتيجة الإهمال المتمادي على مدى سنوات لأعمال الصيانة، باعتراف المسؤولين، كما هي حال مؤسسات الدولة وشبكاتها ومرافقها. كما تبيّن أن المطار يستخدم نفس “السرفر” ما يؤدي لاختراق جميع البرامج عند اختراق أحدها.
الحل لا يكون سوى بإعادة انتاج السلطة واسترجاع الشرعية والسيادة وإصلاح امورنا بإعادة بناء الدولة ومؤسساتها المنهارة، وإيقاف بهورة محاربة إسرائيل كبديل عن الأمة جمعاء، في غياب أي من مقومات الصمود البسيطة.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها