play icon pause icon
جورج يزبك

جورج يزبك

الثلاثاء ٢ شباط ٢٠٢١ - 09:16

المصدر: صوت لبنان

انتهى الغناء في الحمّام

مثل السلالات المتحورة، تحور الزمن الذي كان فيه لبنان يقوم بالخدمة العسكرية الاجبارية في العرقوب عن كل العرب. وبدأت سلالة جديدة من الزمن الذي استلمت فيه ايران قرار الحرب والسلم في لبنان ومن لبنان، عن كل اللبنانيين والسوريين والعراقيين واليمنيين، وعن كل الفلسطينيين في لبنان والمهجر. ما لنا وللآخرين، لكن وكأن لا دولة في لبنان ولا جيش في لبنان. بل كأنه ممنوع على الجيش أن يحمي لبنان وممنوع على الدولة أن تحمي جيشها. وكأن الدولة مكتومة القيد أو على الأكثر مجنسة لبنانياً منذ أقل من عشر سنوات، أو حاملة بطاقة قيد الدرس أو بطاقة لاجىء برعاية الأونروا.
السلالة الجديدة المتحورة انتقلت من البشر الى البقر التي صارت اسرائيل تصادرها كرهائن لدى اجتيازها المراعي من شمال الخط الأزرق الى جنوبه. واذا كانت اليونيفيل تكفلت بإعادة البقرات السبع، فمن يقنع السلطة بالعمل مع الستة ملايين لبناني لا كماشية بل كبني آدميين توفرّ لهم دولتهم كرامة العيش حتى عالخبزة والزيتونة، وتنهي التعامل معهم كفصيل، العلف قوته اليومي، شعب يسمح بأن يصاب هو ولا يصاب الزعيم، ويتسامح مع تلقيح الطبقة السياسية أولاً لضمان مناعة القطيع الذي يشرب من أعلى النبع.
وكأننا نصلي مع
Saint Augustin Docteur de l’Église
الذي يقول: أعطني يا رب العفة والطهارة لكن ليس الآن. على الأكيد هذه الصلاة يفهمها السياسيون على طريقتهم، فيؤجلون العفاف لصالح الإسفاف، والطهارة لصالح الشطارة. والصلاة يعرفها الرئيسان عون والحريري اللذان يريدان الحكومة لكن ليس الآن. فرئيس الجمهورية لا يريد سعد الحريري وريث عهده، والرئيس الحريري يريد حجز التكليف لعهد آخر. عون يريد استرجاع قوة الموارنة في الجمهورية الأولى، والحريري يريد الاستفادة من ضعفهم في الجمهورية الثانية. الرئيس عون تأخر كثيراً، والرئيس الحريري استعجل كثيراً. والأكيد الأكيد أن الشعب لن يقبل بعد اليوم أن يغنّي في الحمّام.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها