play icon pause icon
منى فياض

منى فياض

الأثنين ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٣ - 08:29

المصدر: صوت لبنان

اهمية الشعور بالأمن والأمان

في اليوم الذي انتظر فيه اللبنانيون اول خطاب لنصرالله بعد حرب غزة، كانوا في منتهى التوتر والقلق، من سائق التاكسي الى بائع الخضار، الى المشاة والمتحلقين في الشارع او المقهى. أقفلت مدارس وتعطلت أشغال، وعمّ المزاج العكر بانتظار الكلمة الفصل من قبل مرشد الجمهورية المعتمد.
وهذا الجو لا يزال يغلب عليهم حتى الآن. فلا يزالون يعيشون على اعصابهم بانتظار حرب قد تطل برأسها في أي لحظة.
منذ اكثر من عقدين يعيش اللبناني حالة من انعدام الاستقرار النفسي ما يحرمه الحد الأدنى من الشعور بالأمن والطمأنينة ويضعه في حالة من انعدام اليقين والقلق نتيجة المخاطر الدائمة المسلطة فوق رأسه.
ينعكس هذا تدهوراً في الحالة الذهنية للأفراد ويرفع مستويات التوتر، ما يتسبب بالشك بالنفس وبالآخرين. ويتحول كل ذلك عقبة في طريق تفتح الشخصية وتطورها.
لأن ذلك يؤثر على قدرة الفرد على التركيز والإنجاز فيضعفهما، وينعكس بالتالي على الأداء العملي، اليومي والمستدام، وفي مختلف المجالات ويحد من قدرتهم على التقدم.
هذا ما يتسبب بمشكلات لا تظهر للعيان بسهولة، وتجعل الأشخاص يعتمدون على الغير، فتتأثر امكانياتهم في استثمار قدراتهم وتطوير مهاراتهم. لأن انعدام اليقين يساهم بشيوع الأفكار السلبية.
كذلك تحد الأوضاع الصعبة، الاجتماعية والاقتصادية، من القدرة على الوصول الى فرص التعلم وتطوير المهارات.
يؤدي كل ذلك الى نقص الثقة بالنفس وتدني احترام الذات، وعدم قدرة على التعامل مع المواقف المختلفة.

يؤثر القلق والتوتر أيضا على مستوى العلاقات الاجتماعية، وتضطرب صورة الناس عن انفسهم، ما ينعكس ليس فقط صعوبة في إقامة علاقات صحية مع الآخرين، لكن أيضا يتسبب بإعاقات تطال القدرة على العمل والإنتاج في العمل والدراسة. كما يحمل خطر الانطواء والابتعاد عن الناس ما قد يوصل الى العزلة عند البعض.

ولا تنجو الصحة العامة من التأثر، سواء بشكل مباشر بسبب الضغط النفسي، او غير المباشر بتأثير من الظروف الاقتصادية، والحد من إمكانية الحصول على الخدمات الصحية.

وعندما يعيش مجتمع بكامله في ظل هذه الوضعية، يصبح القلق صفة اجتماعية والاكتئاب متلازمة معممة.
ويجب التنبيه الى ان هذا الوضع لم يعد محتملاً ولا مقبولاً. لأن من حق اللبنانيين الشعور بالأمن والاطمئنان وعدم الخوف من توقع حصول مكروه في كل حين وحتى في المستقبل.
من حق أولادنا واحفادنا توقع مستقبل افضل والعمل على الوصول اليه. ان الشعور بالأمن هو الذي يهيئ المناخ المناسب للازدهار والاستثمار والإنتاج.
على اللبنانيين النضال اليومي والمستمر من اجل تحقيق أمنهم وطمأنينتهم والاستمرار ببذل كل الجهد للتغلب على التحديات بواسطة الدعم الاجتماعي، والمبادرات الاقتصادية.
وهنا تبرز مسؤولية القوى المعارضة في التخلي عن انانياتها وذواتها المتضخمة من اجل التوحد فيما بينها وطرح المبادرات العملية المطلوبة لإخراج لبنان مما هو فيه واستعادة سيادته التي تداس كل يوم.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها