سناء الجاك

الأثنين ٢٥ أيلول ٢٠٢٣ - 12:57

المصدر: سكاي نيوز عربية

بين الخماسية والثنائي

دخل الاستحقاق الرئاسي اللبناني مرحلة التحرك القطري، مع موفد قطر جاسم بن فهد آل ثاني الذي يزور لبنان منذ بداية الأسبوع الماضي، للبحث عن تفاهمات بين المسؤولين اللبنانيين لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، وذلك بمباركة أميركية وسعودية.

وفي حين أقفلت اللجنة الخماسية (أي الدول الخمس المهتمة بالشأن اللبناني: فرنسا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر)، مباحثاتها في نيويورك من دون إصدار بيان، بفعل تباينات ملحوظة، يترك اجتماعها الأخير علامات استفهام حول الدور الفرنسي، بعد أخطاء كثيرة، سواء لجهة محاولة فرض معادلة سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية ونواف سلام رئيسا للحكومة، أو لجهة إبقاء المبادرة دون إطار زمني، أو لجهة المسارعة إلى تبني طاولة حوار رئيس مجلس النواب واحد قطبي الثنائي نبيه بري، وان بسيناريوهات وصيغ مختلفة وملطفة لاحتواء اعتراض رافضي حوار بري.

ويشير البعض إلى أن فشل المبادرة الفرنسية سببها خلاف داخلي فرنسي بين باتريك دوريل الذي كان يتولى إدارة خلية الإليزيه المتعلقة بحل أزمة الرئاسة اللبنانية وفق المنظور المناسب لحزب الله، وبين الموفد الفرنسي إلى لبنان ووزير الخارجية السابق جان إيف لو دريان الذي يحاول تدوير الزوايا.

ليأتي الرد على هذه الإشارة جازما ومؤكدا أن مثل هذا الكلام عن خلافات ليس سوى نشاط فكري في غير محله، لأن دوريل ولو دريان ليسا سوى موظفين يلتزمان بتعليمات رئيسهما إيمانويل ماكرون الذي كان يلبي التطلعات الإيرانية مع دوريل، ليعود ويتراجع عنها مع لو دريان.

إلا أن الانزعاج من المواقف الفرنسية لا يلغي دورها في الخماسية، ولا يؤثر على المصالح التي تجمع قطر وفرنسا حول غاز الجنوب اللبناني الذي بدأ العمل لاستكشافه واستخراجه.

ولكن لقاء المصالح وإعادة توزيع الأدوار لن يؤدي بالضرورة إلى نتيجة إيجابية، إذا بقيت الظروف الإقليمية والدولية على حالها، أي إذا لم يحصل تفاهم إيراني/سعودي من جهة بشأن لبنان، وتفاهمات إيرانية/أميركية من جهة أخرى، بشأن ملفات كثيرة تبدأ بالنووي وتمر بالعراق وسورية وإسرائيل لتنتهي بلبنان. وأيضا هو لا ينقذ لبنان من الدوران في فراغه المدمر مع تشبث الثنائي الشيعي بمعزوفة الحوار من جهة، والإصرار على ترشيح سليمان فرنجية دون سواه من جهة أخرى.

بالتالي، غياب التفاهم هو ما يترجم رفض حزب الله التخلي عن ترشيح فرنجية.. وربما هو ما يوضح أبعاد الرسالة الموجهة إلى الأميركيين من خلال إطلاق 15 رصاصة على مبنى سفارتهم في لبنان على الرغم من الإجراءات الأمنية الشديدة حوله، ومن دون نية لإلحاق أذى.. وربما هو ما يشعل حلقات العنف الجاهزة لتجعل لبنان مصدر قلق للمجتمع الدولي، إن عبر تفجير الوضع الأمني في المخيمات الفلسطينية أو مع تعمد افتعال موجات نزوح السوريين وتحويل وجودهم قنابل موقوتة، أو مع تحريك الخلايا الداعشية النائمة.

بالتالي فإن المقاربة الحالية من قطر بدعم سعودي واميركي، التي تحاول وضع إطار زمني لنجاحها في جمع المسؤولين اللبنانيين عبر انتخاب رئيس وتشكيل حكومة والشروع ببرنامج يبلور دور لبنان على الخريطة الجديدة للمنطقة، والتي قد تلجأ إلى خطوات “تأديبية” بحق المسؤولين المعرقلين، إذا لم تنجح في تحقيق أهدافها.

لكن يبقى أن الثنائي الشيعي لا يزال غير مقتنع بخريطة طريق الخماسية حول رؤية واضحة للبنان، فهو لا يلمس وجود مستجدات إقليمية ترقى إلى مستوى التفاهم على رئيس للجمهورية يلبي اهداف محوره، ما يعني أن التحرك القطري ليس سوى محاولة جديدة، وإنما غير جدية ما لم تتوفر له التوافقات المطلوبة إيرانيا.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها