أنطوان صفير

الجمعة ١٦ تشرين الأول ٢٠٢٠ - 16:00

المصدر: صوت لبنان

تاريخ التأجيل والتسويف

مشكلة هي الوقائع اللبنانية ،
وهي واقعات واقعة على نفوس الناس وضمائرهم مغتالة المستقبل ،
بعدما صُرفَ ونُهِبَ المال العام، وإمتدت اليد الى المال الخاص.
وها بالأمس قد حصل تأجيلٌ جديد للإستشارات النيابية ،
التي من المفترض أن تفضي الى تكليف شخصية لتشكيل الحكومة،
وليس أي حكومة….
فالحكومة التي تشبه سابقاتها منذ ثلاثين عاماً لن تكون قادرة على إعطاء أي شيء!
وبالطبع لن تكون قادرة على أخذ أي شيء ،
بواسطة من تمثل من أحزاب وتيارات وسياسة فارغة،
لأنّ الجيوب قد أصبحت فارغة، والخزينة قد نُهبت،
بشكلٍ أصبحنا معه مضرب الأمثال في دول العالم ،
فساداً وإفساداً وطريقة حياة وقحة من قبل بعض المسؤولين عنّا.
حيث يتقاذفون التهم والكلام الفارغ ،
والشعب ينوء تحت وطأة إنعدام الخدمات الإجتماعية ،
ووصول الليرة اللبنانية الى فقدان أكثر من ٩٠٪ من قيمتها.

وبالتالي، فلا تعويضات تحفظ الكرامات في العمر الثالث،
ولا قدرة عند الشباب على السفر،
لأنّ المطلوب هو الـFRESH MONEY ،
ومن هو هذا “الجهبذي” الذي فرّق بين الـ FRESH MONEY والـOLD MONEY،
وكأنّ هذه يجب أن تكون……. وهي بريئة مبررة،
أمّا الـ OLD MONEY ، فتعب الأيام والسنوات…..
من أهل لبنان في الداخل والخارج وحتى من غير اللبنانيين ،
الذين وثقوا بالنظام المصرفي اللبناني الذي قام منذ العام ١٩٥٦مع قانون سريّة المصارف ،
ومن ثمّ مع قانون النقد والتسليف وإنشاء مصرف لبنان ،
ليشكل نموذجاً جعلته الجمهورية الأولى مجالاً لإلتقاط الأنفاس ،
وتحويل لبنان الى جنةٍ مصرفيةٍ – نقديةٍ- إقتصاديةٍ -مالية،
إضافة الى كونه موئلاً تربوياً وجامعياً وإستشفائياً.

أين نحن من كل هذا ؟
نؤجل الإستحقاقات يوماً بعد يوم!
وكان يجب على الأمور أن تعالج منذ “سيدر”،
فلم تعالج ، ودخلنا الى إنتخابات نيابية،
كنا فيها أو البعض منّا مقترعين لا ناخبين ،
فوصلوا الى تأليه هذا وتكريس ذاك ، زعيماً على ذاتهم وأولادهم !!!
فأضحى رابضاً على قلوبهم ،ومستقبل أطفالهم ، ومدارسهم ،
ومؤسساتهم على طرق الإفلاس من كل نوع !
إننا نعيش في التأجيل والتسويف،
إننا نعيش في كل ما تُنهي عنه شرائع الأرض والسماء ،
ويعود هذا ليقول أُريد أن أتمثل، وذاك أريد أن أتمثل!.
والسؤال الكبير الكبير،…..نريد جميعاً أن نتمثل في حكومة قادرة ،
على أن تكون مهمتها الأساسية ،
الإصلاح، ووقف الفساد والإفساد ،
والنهوض بالمجتمع من الحضيض الذي وصلنا اليه،
والذي ينذر بكارثةٍ إجتماعيةٍ – مجتمعية ،
خصوصاً إذا ما رفع الدعم وسيرفع.
والخوف أن تمتد اليد الى الإحتياطات الإلزامية للمصارف،
بعدما إمتدت الى ودائع الناس وتعبهم…..
كل ذلك بلا حسيب ولا رقيب،
ولا سؤالٌ ولا جواب ،بل محاصصة مستمرة مستورة وعلنية.
ونعود لنتقاذف الكرة ،
وكأنّنا من صانعي السياسات الإقليمية والدولية.
وكأننا لم نفعل بوطننا شيئاً ،
ونلقي اللوم على هذا وذاك………في ضمائر إستوت ولكن لم تستو بالحق،
بل أوصلت البلاد والعباد الى ما وصلنا اليه.
والمطلوب حكومة مهمة ،عندها ولها كل المهمات ،
يواكبها مجلس النواب بعين التشريع لا بعين التسويف،
لكي لا نصل الى مبتغى،
لا بد أن نصل اليه ،بهمّة شباب وشابات السابع عشر من تشرين ،
الذين ليس لديهم أي “أجاندا”
إلاّ أن يبقوا في لبنان أحرارًا بكراماتهم.
أمّا بعد، فالأذان صمّاء،
ولكن الإرادات قوية
وما لا يتحقق اليوم ،سيتحقق في الغد الآتي…..
والنضال طويل حتى يعود الأرز ناصعاً ناصعاً دون تسويف ودون تأجيل.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها