يوسف الأمين

الأثنين ١٦ تشرين الأول ٢٠٢٣ - 20:06

المصدر: المدن

تحديثات “ميتا”: كيف تتجنّب الحظر وتوصِل منشوراتك؟

حربٌ رقمية جديدة تطلقها شركة “ميتا” المالكة لمنصات “فايسبوك” و”انستغرام” و”واتسآب”، على المستخدمين المتضامنين مع فلسطين، والذين ينشرون صوراً أو فيديوهات أو أي محتوى متعاطف مع القضية، أو يظهر الإبادة التي تقوم بها إسرائيل. منذ صباح السبت، يلاحظ مستخدمو “فايسبوك” و”إنستغرام”، على وجه الخصوص، تقييداً كبيراً على محتواهم.

صفر تفاعل للمحتوى الفلسطيني
“مؤسف أن الكثير من التدوينات لأصدقاء لا تظهر لنا رغم أهميتها لأن فايسبوك حدّد عدد الأصدقاء، هناك أصدقاء لم أعد أرى تدويناتهم إلا بعد القيام بالبحث عنها!”، نشر مستخدمو “فايسبوك” في صفحاتهم هذا التعليق بعد ساعات من الغموض الذي عاشوه. وسارع هؤلاء إلى مساندة بعضهم البعض بنشر نصائح وطرق لتعديل خوارزميات “ميتا”.

“أطــلــب مــنــك إذا قــرأت هــذه الـرّسـالـة أن تـتـرك لي تعليق شارة النصر ✌✌✌. أو ما تريد قوله”، بهذه الطريقة يحاول المستخدمون كسر قواعد “ميتا” أو التحايل عليها. بات من ينشر محتوى متعلّق بفلسطين، يلحقه بمنشور آخر لا يمت للموضوع بصلة، ليتفاعل عليه أصدقاؤه بأي شكل كان. الطريقة نفسها، اعتمدها مستخدمو “إنستغرام” الذين تراجعت مشاهدات “الستوريز” لديهم بشكل كبير. فالشخص الذي كان معدّل مشاهدة “الستوري” لديه 300 مثلاً، تراجع إلى 9. هذا عدا عن أنّ منشوراتهم لم تظهرفي الصفحة الرئيسية إلّا إذا تمّ البحث عن اسمهم من قبل مستخدم آخر. والخطوة لتعديل الخوارزمية باتت على الشكل التالي: نشر محتوى عن فلسطين، إلحاقه بمحتوى آخر، وتلقّي التفاعل عليه بشكل “لايك” أو “ريآكشن” أو تعليق لترتفع نسبة وصوله.

حذف صفحة “شبكة القدس الإخبارية”
منذ بداية الحرب، أزالت “ميتا”، أو وضعت علامة “غير لائق inappropriate” على أكثر من 795 ألف منشور باللغتين العربية والعبرية، بعدما وبّخها الاتحاد الأوروبي لعدم قيامها بما يكفي لمعالجة المعلومات المضللة على منصاتها.

كما أنشأت الشركة مركزاً للعمليات الخاصة يضم خبراء لمراقبة الوضع والاستجابة له في الوقت الحقيقي. وجاءت هذه الخطوة رداً على انتقادات الاتحاد الأوروبي وآخرين بشأن انتشار محتوى كاذب أو مضلل على منصات التواصل الاجتماعي.

لم تسرِ استراتيجية “ميتا” على الأشخاص فقط، بل طاولت صفحات إخبارية مدافعة عن فلسطين. فقد نشرت صفحة “Quds News Network” عبر صفحتها على “إكس” خبر إزالة الصفحات الانكليزية والعربية لشبكة القدس الإخبارية في “فايسبوك”، وهي أكبر صفحة إخبارية فلسطينية تضم أكثر من 10 ملايين متابع. ودانت الصفحة تحيّز “ميتا” الكامل للاحتلال الإسرائيلي وتقييدها للمحتوى الفلسطيني.

في المقابل، وكعادتها، أكدت “ميتا” أن إجراءاتها تهدف الى الحد من انتشار المحتوى الضار أو المضلل، من دون أي تحيز سياسي. لكن، في الوقت نفسه، أطلق العدو الاسرائيلي العنان لدعايته المضلّلة والأخبار الكاذبة عبر الإعلام الغربي من جهة، ومواقع التواصل الاجتماعي من جهة أخرى. وهو ما أظهرته صور وفيديوهات ثبتت أنّها غير مؤكدة أو كاذبة، مثل قطع “حماس” لرؤوس أطفال، وسجن أطفال إسرائيليين في قفص، وانتشار صور مفبركة تظهر جثة طفل محروق.

وفي منشوره الأخير في “فايسبوك”، الذي اعتبر فيه إنّه “لا يوجد أي مبرر على الإطلاق لقيام حماس بأعمال إرهابية ضد الأبرياء”، حدّد الرئيس التنفيذي لـ”ميتا” مارك زوكربيرغ عدد التعليقات المسموح بها، منعاً من توسيع نطاق التنديدات على صفحته.

كيف تراقب “ميتا” المحتوى؟
تشرح الخبيرة في المجال الالكتروني الرقمي وخوارزميات “ميتا” دادي جعجع ما يحصل. تقول: “مع إدراج الذكاء الاصطناعي ضمن خوارزمية ميتا، بات هناك تحديث جديد يسهّل عملية التقاط الكلمات المفتاحية أو أي كلمة أو صورة أو فيديو لا يلائمها”. وتشير الى ان الشركة تجدّد الخوارزمية تقريباً كل شهر، ومع تطور الذكاء الاصطناعي أصبح التحديث يومياً.

أخيراً، أضافت “ميتا” تحديثاً، وهو الـ”alt text desription” للصور أو الفيديوهات في “إنستغرام”، أي وصف لماهيّتها، وهذا ما يسهّل عمل الخوارزمية، إلى جانب ما يكتب في الكابشن. وفي عملها مع صفحات على “ميتا”، تقول جعجع إنّها تحاول ألّا تستخدم في “الهاشتاغ” والكلام المكتوب، كلماتٍ مفتاحية تحظرها الشركة، ولاستباق أي إنذار على صورة أو فيديو، يمكن استخدام طبقات فوق الصورة أو المشهد لتصعيب عملية التقاطها من “فايسبوك” أو إنستغرام”.

تحايل رقمي
وتتابع: “هناك صفحات تصوغ المحتوى بشكل تتحايل فيه على ميتا، مثلاً نشر صور الدمار لكن بطريقة تظهر له أنّه “سعيد”، لأنّ الذكاء الاصطناعي يلتقط أنّ كل ما يتعلق بأحداث غزّة هو حزين”.

وفي محاولة لفهم التقلّبات في خوارزميات “ميتا”، باتت الصفحات تعمد إلى إيصال أي حدث من دون إرفاقه بصور أو مشاهد الحزينة، بل بوجهٍ بشوش، ممّا يصعّب التقاط ذلك من الذكاء الاصطناعي، وبالتالي تكون الرسالة وصلت.

وتشير جعجع إلى أنّ المستخدمين أنفسهم هم من يلقون اهتمام الذكاء الاصطناعي عليهم، من خلال إعادة النشر share والتعليق comment والتفاعل بلايك. فالصفحة التي تتحايل على “ميتا”، ويتم التعليق على منشوراتها بكلمات تمنعها ميتا، يقول للشركة بشكل غير مباشر: “بلى هذا المحتوى متعلّق بما لا يناسب سياستك”.

لم يكتفِ الغرب بكل ما يملكه من أدوات ومنصات عالمية بمساندة إسرائيل والتعتيم على معاناة الغزاويين. ما يحصل اليوم لا يظهر سوى همجيّة احتلال، خلّفت جرائم حرب، وما زالت تكمّ أفواه كل من يساند الشعب الفلسطيني ويسلّط الضوء على الإبادة التي يقيمها الاحتلال بعد عملية “طوفان الأقصى” المباغتة.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها