منير الربيع

السبت ٥ آب ٢٠٢٣ - 16:43

المصدر: المدن

تحذير السعودية: تأزم يمتد من لبنان إلى سوريا و…الدرة

لا يمكن النظر إلى التحذير السعودي للمواطنين السعوديين ودعوتهم لمغادرة لبنان بسرعة، بشكل منفصل عن كل التطورات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة. أجواء التفاهم والإرتياح التي ظهرت في الفترة الأخيرة تتبدد، على وقع تجدد التوترات أو التأزم السياسي في أكثر من ملف. تراجع منسوب الوصول إلى تفاهم في اليمن، ما يعكس توتراً إيرانياً سعودياً. بالإضافة إلى الموقف الإيراني من المطالبة بحصة في حقل الدرة الكويتي، الأمر الذي استدعى موقفاً كويتياً سعودياً منسجماً ومتكاملاً بأن ملكية هذا الحقل كاملة للسعودية والكويت ولا حصة لإيران فيه. عزّز ذلك جو التوتر. وهو ما انعكس أيضاً على الوضع في سوريا إذ تراجعت الحماسة العربية للتطبيع مع دمشق، ولم يتم تعيين سفير سعودي جديد في الشام ولم تفتتح السفارة، فيما بعض المعلومات تفيد بأن الرياض أبلغت دمشق بانها لن تعين سفيراً لها طالما أن النظام لم يلتزم بما تعهّد به.

تقاطع مع الموقف الأميركي
كل هذه الصورة لا بد لها أن تنعكس على الواقع اللبناني، والذي ترجم في موقف سعودي واضح يدعو السعوديين إلى المغادرة. قد يكون الأمر مرتبطاً بتطورات الوضع في عين الحلوة من حيث الشكل، ولكن من حيث المضمون فالمسألة تبقى أبعد. فمنذ اجتماع الدوحة الخماسي، كانت السعودية واضحة في مطالبها بفرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين بسبب تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، ودعت إلى إصدار موقف مشترك للخماسية حول منع السفر إلى لبنان ووقف السياحة، والمفارقة أن الموقف الأميركي كان متطابقاً مع الموقف السعودي، فيما عملت قطر على تجاوز هذا الأمر وتأجيله. اتخذت السعودية قرارها منفردة، في حين حذّرت الكويت رعاياها من الإنتقال إلى قرب مناطق الإشتباك من دون الطلب منهم المغادرة.

يأتي الموقف السعودي بالتزامن مع ضغوط أميركية تدعو أيضاً إلى فرض عقوبات على لبنان، وعلى مسؤولين سياسيين يعطلون الإستحقاق الرئاسي، ومن هنا يمكن وضع هذه التطورات في خانة ممارسة الضغوط السياسية لانتخاب رئيس وفق المواصفات التي تتحدث عنها هذه الدول. نقطة أخرى لا بد من التوقف عندها وهي أن البيان السعودي صدر  في 4 آب، وبالتزامن مع الظروف الأمنية المتوترة في مخيم عين الحلوة، وبالتالي اختير له توقيت يحمل أكثر من معنى وبعد. فيما مضمونه يشير إلى التحضير للمرحلة المقبلة والتي سيستمر فيها الفراغ الرئاسي في ظل عدم الإتفاق على مسار رئاسي، وعدم بروز مقومات للتوافق ما سينتج عنه من تداعيات سلبية على الواقع العام في البلاد. أما الرسالة الأخرى فأيضاً واضحة إذ هناك أجواء عربية ودولية كانت تعتبر أن ح-ز-ب ا-ل-ل-ه يعمل على السيطرة على لبنان، وبالتالي إذا ما استمر في السياسة نفسها، فإن السعودية ستقول بشكل واضح إنها غير معنية بالعودة، وهي ستبقى خارج أي معادلة إلى أن يصطلح الوضع.

في ملعب “الحزب”
مثل هذا القرار يرمي الكرة مجدداً في ملعب ح-ز-ب ا-ل-ل-ه، لا سيما أن الحزب هو صاحب الحلّ والربط في المسألة الرئاسية، وهو كان يراهن على تفاوض مباشر أو غير مباشر مع السعودية ينتج تفاهماً على انتخاب الرئيس إنطلاقاً من الإتفاق السعودي الإيراني. هذا الإتفاق الذي يبدو أنه تعثر مؤخراً، في ظل تطورات أميركية مع السعودية، بعد زيارات للعديد من المسؤولين الأميركيين إلى الرياض وتقديم عرض ببناء مشروع نووي سلمي، والذهاب إلى اتفاقية دفاعية أمنية وعسكرية مدتها 45 سنة، مقابل تطبيع العلاقات مع اسرائيل.

لا شك أن مثل هذا العرض ينعكس سلباً على الإتفاق مع ايران، فيما هناك من يعتبر أن التحرك الأميركي بهذا الإتجاه يهدف إلى كسر الإتفاق أو عرقلته، الى جانب ممارسة الضغوط لوقف مسار التطبيع مع دمشق. وفي حال استمرّ ذلك فالخوف أن يكون لبنان كما سوريا إحدى ساحات الإنعكاس المباشر لأي تصعيد سيحصل.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها