عباس الحلبي

الثلاثاء ٢٩ تشرين الأول ٢٠١٩ - 11:59

المصدر: صوت لبنان

تحية للساحات

أخيرا” تحققت إنتفاضة اللبنانيين السلمية رفضا” لواقعٍ أليم أُقحِموا به منذ سنوات وجعلتهُم ينفجرون غضبا” نتيجةَ القرف من ممارسات بعض السياسيين في الإنقسام والصراع، والفشل في الحكم والأداء.

إستمرَّت إستكانة اللبنانيين سنوات وهم يرَوْن أمامهم مشاهِد مفجعة من الفجور في الممارسة السياسية والفساد في الصفقات الوهمية، حتى لَكادَ الإنطباعُ يسود بأن الشعب اللبناني من مُدجنٌّ لا ردَّة فعل له مهما بلغت وقاحات الممارسة. 

شكرا” لهذه الطبقة السياسية على تحقيقها وحدة اللبنانيين وجعلها وحدة” متراصة بالرغم من كل محاولات التفرقة والإنقسام التي زُرِعَت بينهم على مدى سنوات فكسروا حصون الطائفية والمذهبية التي حشروهم بها وقانون الإنتخاب. 

إنتهت تجارة السلطة الرابحة بتفريقهم وبناء أمجادها على تعتيرهم وإفقارهم.  

يطالبون بأبسط الخدمات وهي مطالب تجمعهم: الليرة والرغيف، التربية والإستشفاء، الإسكان  والبيئة. 

ويقلقهم التغيُّر المناخي وعقم الإدارة والهدر في الإنفاق والعجز في أداء الحكم والفشل في إيجاد الحلول. 

واجبُ السلطة سماع المتظاهرين وليس الطلب منهم تقديم المخارج وإعداد الوفود للتفاوض. 

واجبُ السلطة الإستجابة إلى طلب الناس هؤلاء المجتمعين حول مطالب محددة تبدأ بالسياسة وتنتهي بالحقوق المطلبية البديهية. 

أيّ شرعية هذه تلك التي لا تسمع صوت الناس. هل المطلوب قمعهم والتخطيط لإخافتهم وإرهابهم حتى تخلو الساحة مجددا” لفساد القيّمين على الأمور. ليس الجواب بإفتعال ساحات ومنابر مقابلة. 

لو كان الحكم فعلا” رؤية لإمتصَّ نقمة الناس وأقدم على خطوات عملية تبدأ بإستقالة الحكومة الفاشلة التي أتت تحت شعار إستعادة الثقة: عن أية ثقة هذه يتحدثون. الجواب بالهتافات والتعليقات التي ترددها وسائل الإعلام التي عرَّت السياسيين وشعاراتهم الخادعة. 

يحتاج البلد إلى هدوء التفكير والتبصّر حتى لا تحدث المواجهة. فَما تحقق فرصة أخيرة للبنانيين. إنها معركة إقامة الدولة على حساب الدويلات والمزارع والحصص. إنها معركة تطبيق الدستور على العبث بأحكامه ونصوصه. إنها معركة القضاء بمعاقبة الفاسدين والسارقين. إنها معركة المستقبل مع الماضي البشع. معركة إنتهاء الحرب الأهلية مع المستفيدين منها. إنها معركة بناء الدولة. 

لبنان الإنتفاضة العابرة للطوائف والمذاهب هو حلم الغد المشرق للبنان فلا تضيِّعوه. 

وتحية للساحات.  

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها