محمد موسى

الخميس ٢٣ كانون الثاني ٢٠٢٥ - 11:02

المصدر: صوت لبنان

تريليون دولار ربما: الاعمار على أنقاض الدمار؟

الخطى تتسارع والعالم يرتقب هدنة غزة وما بعدهامنالحديث المتكرر الدائم ماذا عن اليوم التالي في غزة؟ ولكن السؤال الحقيقي والجوهري اليوم هو مزيج من أسئلة باتت ترتبط بالمعنى الجيو-سياسي: جغرافيا” واقتصاديا” وسياسيا” وهي من كينونة واحدة جديدة غير وحدة الساحات!!! انها وحدة الحاجة الى الاعمار التي تجلت بعد الحروب المتنقلة في الإقليم وعناوينها: ماذا عن اليوم التالي في غزة بعد مراحل الهدنة الثلاثة؟ ماذا عن اليوم التالي في لبنان من جنوب الليطاني الى شماله بعد 27/كانون الثاني/2025؟ماذا عن سوريا الجديدة والمفيدة في آن مع الإدارة الجديدة؟ ماذا عن بغداد في زمن التحولات؟ والحقيقة ماذا سيجري بين طهران واميركا وهو السؤال المركزي؟!!
لعل في هدنة غزة مفتاح لإنهاء حرب إبادة بشعة لن ننسها بكل ما فيها من وحشية واجرام موصوف عرى العالم غير الكثير من قواعده امام الشاشات: قيم سقطت واتفاقات دولية هشمت ولكن اليوم تسأل الناس في كل دول الشرق الأدنى على الطريقة الأميركية ماذا عن الغد الموعود بالإعمار في ظل التنافس على الأموال والحضور في الحقبة الترامبية؟وما هي الظروف السياسية والشروط السياسية التي ستفتح خزائن هذا العالم المختل العدالة لكي تبدأ خطوة الألف ميل اعماريا”؟ وهل بمقدور الدول تنفيذ ما هو مطلوب منها في ظل واقعها الديموغرافي والايدلوجيا؟ المطلوب كثير والواقع مؤلم!!!
لقد اكل الدمار الأخضر واليابس في دولنا العربية الحبيبة وبالبلدي الدارج (لم يبقي حجر على حجر)، فلبنان الذي لم تحصى خسائره النهائية حيث لازالت الحرب مفتوحة ولكن بنهج التدمير الممنهج من قرية الى أخرى في الجنوبواخرها قرى الحافة الامامية مع الحديث عن بقاء للإسرائيلي شهرا” إضافيا” لمزيد من التدمير!!! و قد قدرت الخسائر بما يفوق 12 مليار دولار بحسب الكثير من المؤسسات المعنية وليس اقله تقرير موديز وقبله البنك الدولي الذي تحدث عن خسائر تفوق 8.5 مليار دولار،وخلص التقييم الأولي للأضرار والخسائر في لبنان إلى أن الأضرار المادية وحدها بلغت 3.4 مليارات دولار، وأن الخسائر الاقتصادية بلغت 5.1 مليارات دولار وعلى صعيد النمو الاقتصادي، تشير التقديرات إلى أن الصراع أدى إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان بنسبة 6.6% على الأقل في عام 2024، مما يفاقم الانكماش الاقتصادي الحاد المستمر على مدى 5 سنوات، والذي تجاوز 34% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.
اما سوريا فالحديث يطول وان كان هناك من انفتاحه دولية عليها اليوم الا ان الترجمة الحقيقية في مواجهة الخسائر التي تتراوح التكلفة فيها بين 120 إلى 450 مليار دولار لم تظهر بعد، و للتأكيد هذه تكلفة إعادة البناء فقط وليست تكلفة الفرصة البديلة أي ما خسرته البلاد لو لم تحدث الحرب، فالاقتصاد السوري حالياً لا يملك أي مقومات النهوض بدون الحصول على مساعدات تدريجية تمتد على 10 سنوات، وفيما يتعلق بأولوية التركيز في عملية البناء، فالأكيد إن قطاع الزراعة هو الأهم حيث إنه يوفر آلاف فرص العمل ويؤمن احتياجات سوريا من الغذاء، يليه قطاع الصناعة ثم النفط مع العمل على تطوير الحقول الضعيفة الإنتاج والحقول المدمرة وقبل كل ذلك إدارة العملية السياسية التي هي عنوان التمويل.
والى غزة حيث الإسرائيلي عمد الى تدمير الحياة برمتها منازل وبيوت، مستشفيات ودور حضانات، جامعات ومدارس فالمطلوب قتل الحياة التي لم تقتل ولن تقتل في غزة ولقد يكون من المبكر الحديث عن الخسائر ولكنها باتت تقدر بما يفوق 80 مليار دولار؟!!!
إن الناظر اليوم في حاجة الشعوب المعنية في الدول الثلاث يدرك ان البنى التحتية كلها بحاجة الى إعادة البناء والنهوض والاهم بث روح عودة الحياة الى شرايين جسد الغد في فلسطين ولبنان وسوريا فلا حياة بلا امل ولا امل بلا رغبة ومقومات وهنا لابد من مسؤولية وطنية داخلية على قدر التطلعات ولكن لابد معها من مسؤولية المجتمع الدولي عما يفوق 30 مليون نسمة ينتظرون الإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي من الداخل ومعه مواكبة خارجية دولية اممية لدعم الغد لأجيالها عبر تمويل مالي ربما يقارب نصف لتريليون او أكثر. فهل ستتصارع الدول على التمويل في زمن الشرق الأوسط الجديد؟ وهل تلبى مطالبها بعيدا” عن اجندات من يرسم خرائط الشرق الأوسط الجديد؟ وإذا لم تستطع الدول مواكبة المتغيرات الحاصلة هل تترك هذه الدول لأقدارها بانتظار موجات العنف الجديدة؟ المعادلة البسيطة تقول إذا لم تأتي التغيرات التي تحمل مسارات التنمية فمسارات العنف ستبقى……………… زمن الخيارات الصعبة

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها